أسيرا بيد المالك ، وقيل هم السجناء ، والأوّل أشهر.
يرد هنا سؤال : كيف جاء ذلك الأسير إلى بيت الإمام علي عليهالسلام طبقا لما ورد في سبب النزول والمفروض أن يكون سجينا؟
ويتضح لنا جواب هذا السؤال بالالتفات إلى أنّ التاريخ يؤكّد عدم وجود سجناء في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يقسّمهم على المسلمين ، ويأمرهم بالحفاظ عليهم والإحسان إليهم ، فكانوا يطعمونهم الطعام وعند نفاذ طعامهم كانوا يطلبون العون من بقية المسلمين ويرافقونهم في الذهاب الى طلب المعونة ، أو أنّ الأسرى يذهبون بمفردهم لأنّ المسلمين كانوا حينذاك في ضائقة من العيش.
وبالطبع توسعت الحكومة الإسلامية فيما بعد ، وازداد عدد الأسرى وكذلك المجرمين ، فاتخذت عندئذ السجون وصار الإنفاق عليهم من بيت المال.
على كل حال فإنّ ما يستفاد من الآية أنّ أفضل الأعمال إطعام المحرومين والمعوزين ، ولا يقتصر على اطعام الفقراء من المسلمين فحسب بل يشمل حتى الأسرى المشركين أيضا وقد أعتبر إطعامهم من الخصال الحميدة للأبرار.
وقد ورد في حديث عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : «استوصوا بالأسرى خيرا وكان أحدهم يؤثر أسيره بطعامه» (١).
والخصلة الرابعة للأبرار هي الإخلاص ، فيقول : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً).
إنّ هذا المنهج ليس منحصرا بالإطعام ، إذ أنّ جميع أعمالهم خالصة لوجه الله تعالى ، ولا يتوقعون من الناس شكرا وتقديرا ، وأساسا فإنّ قيمة العمل في الإسلام بخلوص النيّة وإلّا فإنّ العمل إذا كان بدوافع غير الهية ، سواء كان رياء أو لهوى النفس ، أو توقع شكر من الناس أو لمكافات مادية ، فليس لذلك ثمن
__________________
(١) كامل ابن الأثير ، ج ٢ ، ص ١٣١.