معنوي وإلهي.
وقد أشار النّبي صلىاللهعليهوآله إلى ذلك إذ قال : «لا عمل إلّا بالنيّة وإنّما الأعمال بالنيات».
والمراد من (وجه الله) هو ذاته تعالى ، وإلّا فليس لله صورة جسمانية ، وهذا هو ما اعتمده وأكّده القرآن في كثير من آياته ، كما في الآية (٢٧٢) من سورة البقرة : (وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) والآية (٢٨) من سورة الكهف التي تصف جلساء النبي صلىاللهعليهوآله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ).
ويقول في الوصف الأخير للأبرار : (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) (أي الشديد) من المحتمل أن يكون هذا الحديث لسان حال الأبرار ، أو قولهم بألسنتهم.
وجاء التعبير عن يوم القيامة بالعبوس والشديد للاستعارة ، إذ أنّها تستعمل في وصف الإنسان الذي يقبض وجهه وشكله ليؤكد على هول ذلك اليوم ، أي أنّ حوادث ذلك اليوم تكون شديدة إلى درجة أنّ الإنسان لا يكون فيه عبوسا فحسب ، بل حتى ذلك اليوم يكون عبوسا أيضا.
(قمطريرا) : هناك أقوال للمفسّرين في مادته ، قيل هو من (القمطر) ، وقيل : مشتق من مادة (قطر) ـ على وزن فرش ـ والميم زائدة ، وقيل هو الشديد ، وهو الأشهر (١).
ويطرح هنا سؤال ، وهو : إذا كان عمل الأبرار خالصا لله تعالى ، فلم يقولون :
إنا نخاف عذاب يوم القيامة؟ وهل يتناسب دافع الخوف من عذاب يوم القيامة مع الدافع الإلهي؟
__________________
(١) مفردات الراغب ، لسان العرب ، المنجد ، القرطبي ، مجمع البيان.