كأوراق الأشجار الجميلة ، وبالطبع إنّ للّون الأخضر أنواعا وأقساما ، ولكل منها لطافة :
وورد في بعض آيات القرآن كالآية (٣٠) من سورة الكهف أنّ أهل الجنان يزينون بأساور من ذهب : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) وهذا لا ينافي ما جاء في الآية التي نحن بصدد بحثها ، إذ يمكن أن يكون من باب التنويع ، فمرّة هذا ، ومرّة ذاك.
ويأتي هنا سؤال : أليس سوار الذهب والفضة من زينة النساء ، فكيف ذكر زينة لرجال الجنّة؟
والجواب واضح ، فهناك الكثير من المجتمعات تكون زينة الذهب والفضة للرجال والنساء (وإن حرمّ الإسلام لبس الذهب للرجال) ولكن بالطبع هناك اختلاف بين أساور الرجال وبين أساور النساء ، ونقل عن لسان فرعون في الآية (٥٣) من سورة الزخرف : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) ويظهر من هذا أنّ لبس الرجال للذهب في مصر كان من علائم العظمة. بالإضافة إلى ما أشرنا إليه في السابق أنّه لا يكفي استعمال الألفاظ العادية المتداولة في هذه الدنيا لبيان نعم الجنان ، وليس هناك من حلّ إلّا باستعمال هذه الألفاظ للإشارة إلى تلك النعم العظيمة التي لا توصف.
ثمّ يقول تعالى في نهاية الآية مشيرا إلى آخر نعمة وأهمّها من سلسلة النعم : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً).
صحيح أنّ من بين هذه النعم ورد الحديث عن الأشربة السائغة من الأكواب المترعة من عين السلسبيل ، ولكنّ بينها وبين ما جاء في هذه الآية فرق كبير ، لأنّ السقاة هناك هم «الولدان المخلدون» من جهة ، والساقي هنا هو «الله تعالى» ، يا له من تعبير عجيب! خصوصا مع ذكر كلمة (رب) الرب الذي طالما تلطف على الإنسان برعايته المستمرة له فكان مالكه ومربيه والذي كان يأخذ بيده في