ويتغيّر لحن الخطاب في الآية الأخيرة من الآيات المبحوثة ، فينتقل من التكلم عن الغائب إلى مخاطبة الحاضر : ويهدد القرآن بنبرات غاضبة أولئك المجرمين ، ويقول : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً).
فصرخاتكم بـ «يا وليتنا» وطلبكم العودة إلى الدنيا لإصلاح ما أفسدتم ، لن ينفعكم ، وكل ما ستنالونه هو الزيادة في العذاب ولا من مغيث.
وهذا هو جزاء أولئك الذين يواجهون دعوات الأنبياء الداعية إلى الله والإيمان والتقوى ، بقولهم : (سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ) (١).
وهذا هو جزاء الذين ينفرون من سماع واستماع ما تتلى عليهم من آيات الله ، كما قال تعالى : (وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً) (٢).
وأخيرا .. فالعذاب الأليم جزاء كلّ من لا يتورع عن اقتراف الذنوب ، ولا يسعى صوب الأعمال الصالحة.
حتى روي عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «هذه الآية أشدّ ما في القرآن على أهل النّار» (٣).
كيف لا .. وهي التي تحمل بين ثناياها الغضب الإلهي ، وتسدّ كلّ أبواب الأمل للخلاص من جهنّم ، ولا تعد أهل النّار إلّا زيادة في العذاب.
* * *
__________________
(١) الشعراء ، ١٣٦.
(٢) الإسراء ، ٤١.
(٣) تفسير الكشّاف ، ج ٤ ، ص ٦٩٠ ؛ وتفسير روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٠٧ ؛ وتفسير الصافي في ذيل الآية المذكورة.