«حسابا» : يعتقد الكثير من المفسّرين إن معناها هنا (كافيا) : من أحسبه الشيء إذا كفاه حتى قال حسبي (١).
وروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «حتى إذا كان يوم القيامة حسب لهم حسناتهم ثمّ أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله عزوجل : (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً)» (٢).
ونستفيد من الرواية المذكورة أنّ نعم الله في الآخرة وإن كانت بصفة الفضل.
واللطف والزيادة ، إلّا أن مقدمتها الأعمال الصالحة التي يقوم بها الإنسان في حياته الدنيا ، وعليه .. فيمكن تفسير «حسابا» في الآية بمعنى (الحساب) ، ولا مانع من إرادة كلا المعنيين ـ فتأمل.
وفي آخر آية من الآيات المبحوثة ، يضيف : (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ).
نعم : إنّه مالك العالم ، ومدبّر ما فيه ، وموجه كلّ حركاته وسكناته ، إنّه الرحمن الذي شملت رحمته كلّ شيء ، وهو واهب الصالحين ما وعدهم به القرآن الكريم.
وبما أنّ صفة «الرحمن» تشمل رحمة الله العامّة لكلّ خلقه ، فيمكن حمل إشارة الآية إلى أنّ الله تبارك وتعالى يشمل برحمته أهل السماوات والأرض في الحياة الدنيا ، إضافة لما وعد به المؤمنين من عطاء دائم في الجنّة.
وذيل الآية ، يقول : (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً).
ويمكن شمول «لا يملكون» جميع أهل السماوات والأرض ، أو جميع المتقين والعاصين الذين يجمعون في عرصة المحشر للحساب والجزاء.
وعلى أيّ القولين .. فالآية تشير إلى عدم القدرة على الاعتراض أو الردّ من قبل كلّ المخلوقات أمام محكمة العدل الإلهي ، لأنّ حسابه جلّ اسمه من الدقّة
__________________
(١) تفسير البيضاوي في ذيل الآية المبحوثة.
(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٩٥ ، ح ٢٩.