وقد روي أنّه حينما سئل الإمام الصادق عليهالسلام عن هذه الآية ، قال : «نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون».
فقال الراوي : وأيّ شيء تقولون؟
فقال عليهالسلام : «نمجد ربّنا ، ونصلّي على نبيّنا ، ونشفع لشيعتنا ، فلا يردنا ربّنا» (١).
ونستفيد من هذه الرواية : إنّ الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام سيقفون صفّا يوم القيامة مع الملائكة والروح ، وسيكونون من المأذون لهم في الكلام والشفاعة ، وسيكون حديثهم منصبّا حول الذكر والثناء والتسبيح للباري عزوجل.
ثمّ إنّ وصف قولهم بكلمة «صوابا» للدلالة على أنّهم لا يشفعون إلّا لمن ملك مقدمات الشفاعة والتي لا تتعارض والحساب (٢).
ويشير القرآن واصفا ذلك اليوم الذي يقوم فيه الناس والملائكة أجمعون يوم الفصل ، يوم عقاب العاصين وثواب المتقين ، يشير بقوله : (ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُ).
«الحقّ» : هو الأمر الثابت واقعا ، والذي تحققه قطعي. وهذا المعنى ينطبق تماما على يوم القيامة ، لأنّه سيعطي كلّ إنسان حقّه ، إرجاع حقوق المظلومين من الظالمين ، وتتكشف كلّ الحقائق التي كانت مخفية على الآخرين .. فانّه بحق : يوم الحقّ ، وبكل ما تحمل الكلمة من معنى.
وإذا ما التفت الإنسان إلى هذه الحقيقة (حقيقة يوم القيامة) فسيتحرك بدافع قوي نحو الله عزوجل للحصول على رضوانه سبحانه بامتثال أوامره تعالى .. ولهذا يقول القرآن مباشرة : (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً).
فجميع مستلزمات التوجه والحركة نحو الله متوفرة بعد أن بيّن طريق الحقّ
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٢٧.
(٢) بحثنا مسألة «الشفاعة» من حيث : شروطها ، خصائصها وفلسفتها ، مع الإجابة على الإشكالات الواردة بشأنها في تفسير الآية (٤٨) من سورة البقرة.