وأشار إلى معالم سبل الشيطان ، بلغ الله أوامره بواسطة الأنبياء والرسل وبالقدر الكافي ، أودع في الإنسان العقل (النّبي الباطن) ، رغّب للمتقين بالمفاز ، أنذر المجرمين عذابا أليما ، عيّن يوما لمحكمة العدل الإلهي بيّن أسلوب المحاكمة ، ولم يبق للإنسان سوى اختيار ما يتخذه إلى ربّه مآبا ، وبمحض إرادته.
و «المآب» : هو محل رجوع ، ويأتي أيضا بمعنى «الطريق».
ثمّ يؤكّد القرآن على مسألة عقاب المجرمين الذين يتوهمون أنّه يوم بعيد أو نسيئة ، يقول القرآن .. إنّ عقاب المجرمين لواقع ، ويوم القيامة لقريب : (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً).
وما عمر الدنيا بكامله إلّا ساعة من زمن الآخرة الخالد ، وكما قيل : (كل ما هو آت قريب) ، وتقول الآيات (٥ ـ ٧) من سورة المعارج ، في هذا المجال : (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً).
ويقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «كل آت قريب دان» (١).
ولم لا يكون قريبا ما دام الأساس في العذاب الإلهي هو نفس أعمال الإنسان والتي هي معه على الدوام : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٢).
وبعد أن وجّه الإنذار للناس ، يشير القرآن إلى حسرة الظالمين والمذنبين في يوم القيامة ، حين لا ينفع ندم ولا حسرة ، إلّا من أتى الله بقلب سليم : (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً).
وذهب بعض المفسّرين أنّ كلمة «ينظر» في الآية بمعنى «ينتظر» ، والمراد : انتظار الإنسان يوم القيامة لجزاء أعماله.
وفسّرها بعض آخر بـ : النظر في صحيفة الأعمال.
وقيل : النظر إلى ثواب وعقاب الأعمال.
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٠٣.
(٢) العنكبوت ، ٥٤.