وحاتم الطّائيّ وهّاب المئي (١)
وذلك أوضح من أن يخفى.
وأصل آخر : وهو أنّ من حقّنا أن نعلم أنّ مذهب الجنسية في الاسم وهو خبر ، غير مذهبها وهو مبتدأ.
تفسير هذا : أنّا وإن قلنا إن «اللام» في قولك : «أنت الشجاع» للجنس ، كما هو له في قولهم : «الشّجاع موقّى ، والجبان ملقّى» (٢) ، فإنّ الفرق بينهما عظيم.
وذلك أن المعنى قولك : «الشجاع موقى» ، أنك تثبت الوقاية لكل ذات من صفتها الشّجاعة ، فهو في معنى قولك : الشّجعان كلّهم موقّون. ولست أقول إن الشجاع كالشجعان على الإطلاق ، وإن كان ذلك ظنّ كثير من الناس ، ولكني أريد أنّك تجعل الوقاية تستغرق الجنس وتشمله وتشيع فيه ، وأما في قولك : «أنت الشجاع» ، فلا معنى فيه للاستغراق ، إذ لست تريد أن تقول : «أنت الشجعان كلهم» حتى كأنك تذهب به مذهب قولهم : «أنت الخلق كلهم» و «أنت العالم» ، كما قال : [من السريع]
وليس لله بمستنكر |
|
أن يجمع العالم في واحد (٣) |
ولكن لحديث «الجنسية» هاهنا مأخذ آخر غير ذلك ، وهو أنّك تعمد بها إلى المصدر المشتق منه الصفة وتوجّهها إليه ، لا إلى نفس الصفة. ثم لك في توجيهها إليه مسلك دقيق. وذلك أنه ليس القصد أن تأتي إلى شجاعات كثيرة فتجمعها له وتوجدها فيه ، ولا أن تقول : إن الشجاعات التي يتوهّم وجودها في الموصوفين بالشجاعة هي موجودة فيه لا فيهم ، هذا كلّه محال ، بل المعنى على أنك تقول : كنّا
__________________
(١) البيت لامرأة من بني عقيل تفخر بأخوالها من اليمن ، وقبله :
حيدة خالي ولقيط وعلي
نوادر أبي زيد (٩١) ، واللسان (مأى) وغيرهما وهو مشهور ، وفي هامش المخطوطة ما نصه : «مائة تجمع على مئي ويكون الأصل : مؤوى ..... ثم تقلب الواو ياء كما يقال مضيّ في مضى يمضي : والأصل مضوي ، كعقود ، والمعروف الجمع بالواو والنون كقولك : مائة ومئون مثل رئة ورئون ، وثبة وثبون» (شاكر).
(٢) الشجاع موقى : مثل قاله حنين بن خشرم السعدي ، الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام ١١٦ رقم (٢٩٧).
(٣) البيت لأبي نواس في ديوانه (٨٢) من قصيدة يمدح فيها الفضل بن الربيع ، والبيت في الإيضاح (٣٥٦) ، والإشارات (٣١٣) ، ورواية الديوان : وليس له بمستنكر» بدل «ليس على الله بمستنكر».