صبره» (١)
[٢] (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا)
بين الإنسان وربه خطّان ـ صاعد ونازل ـ فالخط الصاعد هو الدعاء ، أما الخط النازل فهو الوحي السماوي ، وحسب ما أتصوره فان هذه الآية تشير الى كلا الخطين ، فمن جهة ذكر الله لعبده عن طريق الوحي أو الكتاب السماوي ، ومن جهة ثانية ذكر زكريا ربه طالبا رحمته عن طريق الدعاء ، وقد قال المفسّرون في معنى هذه الجملة : «اذكر كيف رحم الله عبده زكريّا» وبتعبير آخر : هذا ذكر عن رحمة الله لعبده زكريا.
[٣] (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا)
في غمرة الأحداث الرسالية ، والصراعات المبدئية ، لم ينس أن له شعورا آخر هو الشعور الانساني ، وأن له رغبة أخرى هي رغبته في الامتداد عبر الأولاد ، يحملون رسالته من بعده ، فقد كبت هذا الشعور طويلا ، وحينما أظهره كان خفيّا ، ربما لسببين :
الأول : حذرا من ألسنة الناس ، فقد كان رجلا مسنّا ، وكانت امرأته عجوزا عاقرا.
الثاني : إن من شأن العبد الصالح أن لا يرى لنفسه حقا على الله ، بل يؤمن بأن كل ما يعطيه الرب فهو تفضل منه وإحسان.
[٤] (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)
عند ما يشيخ الإنسان فان عظامه تصبح متراخية هشّة ويشعر بالضعف الداخلي.
__________________
(١) المصدر.