قتل محتّم ، فقد كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل ويستحيي نساءهم ، فلمّا رأى أنّ نسل بني إسرائيل سوف ينقطع بهذه الطريقة ، أخذ يقتل فيهم عاما ويتركهم عاما ، وقد ولد موسى (ع) في تلك السنة التي يقتل فيها فرعون أبناء بني إسرائيل وأنجاه الله مع ذلك من القتل ، وبعد ذلك نجي من موت محتم آخر ، عند ما قتل قبطيا ، فهرب الى المدائن ، حيث تشكّل هذه الهجرة الانطلاقة الرسالية الكبرى.
كما تعرض موسى (ع) لسلسلة طويلة من الإخطار ، كذلك كلّ إنسان يتعرض لإخطار محدقة تكاد تودي بحياته ، ولكنه ينقذ منها برحمة من الله وفضل ، والقليل من الناس من يلتفت إليها أو يذكرها عند ما يكبر ، وهنا يذكّر الله موسى (ع) بطفولته حينما كاد جلادوا فرعون أن يقتلوه فأنقذه الله ، ولا بدّ أن نذكّر أنفسنا بتلك الأيام الخوالي التي كادت الإخطار فيها أن تهلكنا فأنقذنا الله منها.
كما يذكّر الله موسى بالسلسلة الثانية من النعم ، فقد ألقى الله عليه محبة ممن كانوا يحيطون به ، لكي تنمو نفسه نموا متكاملا دون عقد أو أدنى نقص ، ويكون بذلك مستعدا لتلقي نعمة الهداية ، ولكن السؤال هل هذه نعمة خاصة؟
كلّا! كلّ واحد منا قد تلقى أمواجا من الرحمة والحنان من قبل والديه ، ومن قبل المحيطين به ، فالكثير نمت نفوسهم سليمة ومستقيمة مستعدة لتلقي نعمة الهداية ، ولكن عند موسى يصبح هذا الأمر أكثر وضوحا ، حيث ان الله سبحانه حمل التابوت الذي يحمل موسى الى بيت عدوه فرعون ، وعند ما رآه فرعون وقع في قلبه موقعا حسنا وأحبه فلم يقتله ، وحينما فتّش فرعون عن المراضع لم يجد إلّا امه وهو لا يعرفها انها أمه ، فعاد موسى الى أمه كي ينمو في حضن الأمومة الدافئ ، الذي يربي نفس الطفل على الاستقامة والسلامة المعنوية ، لأن من يفقد حنان الأمومة طفلا يظل محتاجا لها كبيرا.