ويغسل ذنوبهم الكبيرة ، ويشهد على هذا التفسير الثالث ، السياق ، وهكذا حينما تجلت الحقيقة في عصا موسى (ع) لم يتمالك السحرة أنفسهم فألقوا ساجدين ، نعم .. لقد آمنوا بالآخرة وتيقنوا من البعث والحساب فاستهانوا بالدنيا ، حتى صار تنازلهم في سبيل القيم أمرا هينا ، ثمّ استدركوا :
[٧٣] (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا)
ولو كان هذا الإيمان ، وهذه الأمنية بالغفران ، يكلفنا العذاب والصلب ، وهذا هو الإيمان الحقيقي ، الإيمان الذي يستعد صاحبه لكلّ شيء إلّا التنازل عنه.
ومع إنهم يطلبون الغفران بشكل عام ، إلّا أنهم يخصصون خطيئة السحر ، لأنهم أدركوا أبعادها السيئة أن يخدم الإنسان نظاما فاسدا ، ويكون وسيلة له لمواجهة الرسالة والمؤمنين ، قالوا :
(وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ)
بسبب إغراءاتك ، وتهديداتك ، وخططك الماكرة.
(وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى)
ردّا على مقولة فرعون تحديا : (أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى).
قالوا : كلّا .. الله ـ ولست أنت ـ خير وأبقى.