أولا : إنّ الحقائق تبقى غامضة إلى أن يتصل القلب بالحقيقة الكبرى في هذه الحياة ، والتي تتجلى في معرفة الربّ ، فاذا عرف الإنسان ربه ، ذابت عن قلبه جبال الجليد المتراكمة فوق قلبه ، فرأى الحقائق بوضوح كاف.
أو ليس الله سبحانه خالق السماوات والأرض ، ومبدئ الخلائق جميعا؟ كذلك معرفته أول كلّ علم وينبوع كلّ معرفة.
وهؤلاء السحرة حينما آمنوا بالله صار بديهيا أن يتيقنوا بالبعث والجزاء و... و...
ثانيا : عند ما يكون طريقه للإيمان بحقيقة معينة مليئا بالعقبات والضغوط ، ولكن يصرّ الإنسان على تجاوزها فيختصر المسافة إلى الايمان الخالص ، الذي يصعب الحصول عليه في الظروف الطبيعية.
والسحرة ، حينما آمنوا بالله ، كانوا قد أسقطوا حواجز الإغراء والإرهاب الفرعوني ، وتنازلوا عن المكانة الاجتماعية ، واقتلعوا أنفسهم من حضيض الدنيا ، و... و...
وبالتالي وصلوا الى هذه المرتبة العليا ، بلى إن مجرد إيمانهم في تلك الظروف كان يعني تحديا لسلطات الشهوة والقوة ، بكلّ أبعادهما ، فطووا كلّ المراحل في لحظة عظيمة تجلى الرب فيها لقلوبهم ، بعد أن استعدوا للتضحية بكلّ شيء لله ، وللحقّ الذي شاهدوه بأعينهم.
ثالثا : لأنهم عبدوا الطاغوت لبعض الوقت ، ولعلّهم كانوا قد عرفوا ، بوحي ضميرهم ، ودلالة عقولهم : إنهم مجرمون ، لأنهم يؤيدون مجرما قذرا جبارا في الأرض ، فكانت عقدة الذنب تلاحقهم ، فلما آمنوا كانوا يبحثون عما يطهرهم