قذفتها في داخل العجل.
(وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)
زينت لي أهوائي الانحراف.
لقد كان السامري ـ الذي ينتمي الى سمرون ، وهو ابن يشاكر من أولاد يعقوب ـ وكما يبدو من الآية ممن بلغ به الإيمان درجة عالية إذ أبصر ما لم يبصره الآخرون حيث رأى أثر الرسول ، ولعل السامري كان ممن ساءت عاقبته ، وهو مثال للخط المنافق في الأمة ، والذي يسعى منتهزا الفرص ، كغياب القيادة ليصل الى مطامعه ومصالحه المادية ، ولكن السؤال هو لماذا ينحرف كثير من المؤمنين بعد ايمانهم ، أمثال بلعم ابن باعوراء والسامري والزبير ابن العوام؟!
والجواب كالتالي :
أولا : الانحراف في مسيرة البشر شيء ممكن لأن عوامله كثيرة ، فربما يواجه فتنة معينة فيتحداها ، ولكنه حينما تترى عليه الفتن المختلفة ينهار امام بعضها ، وأصعب فتن الحياة ، هي فتنة الرئاسة.
بلعم كان مؤمنا ، ولكن حينما رأى أن موسى (ع) أصبح نبيا دونه ، دفعه نحو الانحراف ، حتى قال عنه الله : «فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ» (١) ، وهكذا كان السامري من أصحاب موسى (ع) ولكنه لم يرضى أن يكون هارون رئيسا عليه فاصطنع حادثة العجل ، وخدعته شهوة الرئاسة ، وكذلك الزبير ، فلقد كان مع رسول الله (ص) يقاتل معه ويذود عنه ، ولكن حينما أراد السلطة انحرف.
__________________
(١) سورة الأعراف آية «١٧٦».