والوجاهات التي يتوسل بها الإنسان قد تنفعه عند السلطان ، أما عند الله فلا ، الا لمن يعطيه الله صلاحية الشفاعة ، ونتسائل : ما هي إذا فائدة الشفاعة ومن ذا الذي تعطى له صلاحيتها؟
أولا : ان الشفاعة هناك نتيجة العلاقات الايمانية هنا ، وبالذات العلاقة بين المؤمنين وقيادتهم الشرعية من رسول ووصي رسول ، ومن أمر الله بطاعته وحبّه ، وكلما ازداد حبك في الله للأنبياء والأئمة وخلفائهم وطاعتك لهم ، كلما ازدادت فرص نجاتك من النار ، لأنهم وحدهم الشفعاء عند الله.
ثانيا : قد يلقي الشيطان في قلب المذنبين اليأس من روح الله ، فيفتح الله لهم بابا واسعا الى رحمته عبر الشفاعة ويهديهم الى صراط التوبة ، وهو العودة الى الله ، ومن أمر الله بطاعته ، من الرسول وأولى الأمر الشرعيين من بعده.
وسؤال آخر : لما ذا التأكيد على أن لا شفاعة الا لمن ارتضى الرب؟
والجواب : ان فكرة المسؤولية هي أثقل ما في الميزان من فكر ، وان البشر يسعى جهده للتخلص منها ، والاستراحة الى ظل التبريرات ، والشفاعة أبرزها ، إن الإنسان يخدع نفسه كلما ذكّره الله بالجزاء ، ويتمنى لو ان شخصا يشفع له ، فيؤكد الله سبحانه : كلا ، لا شفاعة عند الله الا ممن يرتضيه الله سبحانه ، هكذا لكي تبقى النفس عارية أمام حقيقة المسؤولية ، ويتقبلها طوعا أو كرها.
[١١٠] (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ)
فسلوك الإنسان وخلفياته هي التي تؤثر في مصيره غدا ، وكل ذلك يعلمه الله.
(وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)