الإثارة وشد الانتباه ، ليوقض الضمير ، خصوصا وان أسلوب العرض القرآني قمة البلاغة.
[١٠٨] ويواصل القرآن الحديث عن يوم القيامة :
(يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً)
من المفارقات الموجودة بين الدنيا والآخرة ، مفارقتان تذكرهما هذه الآيات :
الأولى : المفارقة الزمنية ، فبينما الدنيا محدودة زمنيا ، نجد الآخرة أبدية.
الثانية : وتذكرها هذه الآية ، وهي ان الدنيا حياة الارادة البشرية ، بينما الآخرة (يوم القيامة) يجرد الإنسان من إرادته ، وبالذات المجرم ، ويخضع لله جبريا.
فهذا البشر الذي كان يتمرد على رسل الله ورسالاته ، نجده ـ هنالك ـ خانعا خاضعا لداعي الله ، وصوته الذي طالما رفعه يحارب به الله ، وعباده ، ورسالاته ، هذا الصوت تجده خاشعا لله تعالى ، الذي ينتظر منه الجميع كلمة العفو والغفران ، ويتبعون داعيه دون أي تلكأ وبلا عوج ، ذلك الداعي الذي يدعوهم الى صراط الله المستقيم لا عوج له.
[١٠٩] (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً)
كل العلاقات لا تنفعه يوم القيامة ، ولا تبقى الا علاقة واحدة ، وهي علاقة المؤمنين وشفاعتهم وشفاعة الرسل والصديقين والشهداء والصالحين لمن اتبعهم في الدنيا وأطاعهم ، فالعلاقة الرسالية اذن هي الباقية يوم القيامة ، وليس هناك انصاف آلهة يفرضون إرادتهم على الله ، كما يدعي البعض أو يتصورون ، وهذه الوساطات