الآيات الوجه المشترك لظواهر الحياة المختلفة ، فمع أن الشّر يختلف عن الخير في ظاهره ، إلّا انهما يلتقيان في نقطة واحدة هي إنهما لبلاء الإنسان حيث يتقلب البشر بين الخير والشر ، بين العافية والمرض ، بين الغنى والفقر ، والأمن والخوف و.. و.. ولا حيلة له فيها. فهل رأيت مريضا يحب الاستمرار في زوبعة الألم ، أم هل صادفت فقيرا يستمرئ البقاء في سواد الفقر ، أو خائفا لا يريد التخلص من ضائقة الخوف؟ ، ولكن تدبير الله المحيط بنا يقلبنا بين الشر والخير ليفتننا بهما ، ثمّ يبعثنا إليه ليحاسبنا ، أفلا نوقظ أنفسنا من نومة الغافلين؟! لكي لا نتخذ الحياة لهوا ولعبا.
وما دامت نهاية الإنسان الى الله ، فهو مسئول أن يجيّر كلّ الظروف ، خيرها وشرها ، في صالح الهدف الأسمى ، ويفكر في المستقبل بدل أن يتأثر سلبا بالظرف الذي يعيشه خيرا أو شرا تأثرا آنيا ، فيطغى بسبب الخير ، أو ينهزم وينحرف بسبب الشر ، وهذه من طبيعة الإنسان فهو ينسى أهدافه بسبب ظروفه المحيطة به.
ولا ريب إنّ الذي يعي حقيقة البعث يكون بعيدا عن اللعب واللهو.
[٣٦] (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ)
مع هذه الآيات الجلية في الآفاق ، وفي أنفسهم ، تجد الكفار يستهزئون بالحقّ ويتخذونه لعبا ، أمّا القرآن فيبيّن بأن الحقّ لا ينبغي أن نستهزئ به ، لأنه ينتقم ممن يستهزئ به قريبا أو بعد أمد محدود.
وكم هو صلف هذا الإنسان ، ففي الوقت الذي يتميّز غضبا حين يسمع إنّ الرسول يذكر آلهتهم التي لا تغني عنهم شيئا ، ويتساءل : هذا هو الشخص الذي يذكر الآلهة (ولا ينقل كلام الرسول فيها احتراما لها) ، في ذات الوقت تراه يكفر بالرحمن الذي أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة؟!!