بجهلهم وحمقهم.
ثمّ يشير القرآن الى فكرة هامة وهي إنّ الجزاء يأتي في اللحظات التي يزداد فيها غرور الإنسان بنفسه ، فالمجتمع في بداية حياته يكون حذرا ، ولكن عند ما يطول عمره ، وتكثر النعم والخيرات عنده ، فانه ينسى حذره ويركبه الغرور ويعتقد : إنّ ما عنده من الراحة والمتعة سيكون أبديا ، ومع استمراره في الحياة ، وازدياد غروره ، فان سلبياته تتكاثر ويزداد ظلمه ، فيتراكم جزاء أعماله وفي لحظة واحدة ، يفاجؤه الجزاء ويدّمر عليه كلّ شيء ، وهذا قانون اجتماعي ثابت لا يستثني منه مجتمعاتنا في هذا الزمان.
بينات من الآيات :
[٣٧] يستعجل الإنسان الجزاء لأنه خلق من عجل ولكن ما هو العجل ، وكيف خلق الإنسان منه؟
بعضهم قال إنّ العجل الذي خلق منه الإنسان صفة له ، وكأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يركز الضوء على خاصية بشرية في خلقة الإنسان وتكوينه ، وليست صفة عارضة تكتسب من البيئة المحيطة به.
وبعضهم قال إنّ المقصود بالعجل الطين ، أي إنّ الإنسان قد خلق من مادة دنيئة ذات صفات سلبية ، ولذلك فهو يتعجل الأمور ولا يملك الصبر عليها بطبيعته المادية المحضة.
ويبدو إنّ العجل يعني شيئا آخرا أبعد أفقا ، وأكثر عمقا ، وهو إنّ الزمن قد جعل من عوامل خلقة الإنسان وأحد عناصره ، شأنه شأنه كلّ مظاهر الطبيعة المسخرة له ، فكلّ المخلوقات والموجودات التي نراها في أرضنا وسمائنا ، يشكل الزمن جزء من