أهم حاجة للبشر هي حاجته الى الهداية ، ثمّ إن أبرز ميزة في الإنسان هي العقل والإدراك ، فكيف يرضى بعبادة ما لا يعقل.
[٦٦] لذلك فقد حطم إبراهيم (ع) في أنفسهم هيبة الأصنام ، وأفهمهم إنّ المحور هو محور الهدى ومنطق الحقّ ، لا محور الضلال ومنطق القوة.
(قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ)
[٦٧] وأمام موقفهم الجاهلي المتغطرس ، يواجههم إبراهيم (ع) بمنطق العقل ، بكلّ هدوء وثبات ليستثير عقولهم التي حجبها الكبر والغرور ، وعند ما يرى إصرارهم يلجأ الى الهجوم قائلا :
(أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ)
ومرة أخرى أكدّ إبراهيم (ع) على فضيلة العقل في الإنسان ، وضرورة اهتمامه بها واستخدامها من أجل مصلحته وتكامل ذاته.
[٦٨] فلما ادينوا ، ودحضت حجتهم الباطلة :
(قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ)
وهذا كان آخر كلامهم ، وهو : إن إبراهيم (ع) يجب أن يحرق ، وأن ينتصروا للآلهة ما دام عندهم القوة والقدرة ، والرجولة والشجاعة.
فأعدّوا منطقة واسعة من الأرض جمعوا فيها الحطب لمدة أربعة أشهر ، ليس فقط من أجل حرق إبراهيم (ع) وإنّما أيضا من أجل إعادة هيبة الأصنام ، فالطاغوت يعيش على الهيبة والإرهاب ، وإذا فقد هما لا يبقى عنده شيء يسيطر به على النّاس.