لا شك إن هذا أسلوب ساخر أراد به إبراهيم (ع) أن يلفت به أنظارهم إلى حقيقة معتقداتهم الفاسدة ، وإلّا فهم يعلمون مسبقا إن هذه أحجار لا تنطق لأنهم هم الذين صنعوها بأيديهم.
[٦٤] (فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ)
أول صدمة نفسية أصيب بها هؤلاء هي انهيار مكانة الأصنام في أنفسهم والتي كانت رمزا لإيمانهم بالتاريخ الفاسد ، وبالخضوع للحاكم الظالم المتجبر ، واعتقادهم بالأساطير ... إلخ.
فرجعوا الى أنفسهم وقال كلّ منهم لنفسه : أنا الظالم ، أنا المخطئ الذي رضيت أن أعبد هذا الصنم ، الذي لا ينطق ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه.
[٦٥] (ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ)
ولكنهم باعتبارهم بشر ، وباعتبار إن البشر لا يستطيع تحدي واقعه الفاسد بسهولة ، أخذتهم العزة بالإثم ، وركبوا مطية الغرور برغم أنهم عرفوا الحقيقة وأدركوا بطلان أفكارهم وزيف معتقداتهم فقالوا مكابرين :
(لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ)
أي كيف تطلب منا أن نسألهم ، وأنت تعلم إنّهم لا يتكلمون ، أتسخر منا أم ما ذا؟!. وإذا كانت الأصنام لا تنطق ولا تتكلم فهي لا تستطيع أن تهدي من يعبدها سواء السبيل ، وإذن ما الفائدة منها؟
إنّ أهم صفة للاله الذي يعبد هي : أن يكون قادرا على هداية الإنسان ، لأنّ