بعض الناس يتهربون من مسئولياتهم في الحياة ، اعتقادا بأن دينهم الذي يلتزمون به ويتمسكون بعقائده أفضل من دين الآخرين ومن عقائدهم ، وأن نبيّهم أفضل من سائر الأنبياء ، وأن إمامهم أفضل من سائر الأئمة ، ويحسبون أن ذلك يغنيهم عن العمل ، وعن تحمل مسئوليتهم الجدّية في الحياة ، ويأتي القرآن ، ليهدم هذه العقدة النفسية ، ويبين بأن الأنبياء هم أمة واحدة ويشكلون القدوة الحسنة للبشرية. فاذن ، لا مجال هناك لإيجاد خلاف بين الأنبياء ، لكي نقول : إنّا ننتمي الى هذا فنحن أفضل منكم. كلّا! إنّ الذي ينتمي الى محمد (ص) ينتمي الى عيسى (ع) وموسى (ع) وإبراهيم (ع) وإدريس (ع) ونوح (ع) ، وجميع الأنبياء والصديقين عليهم الصلاة والسلام ، ومن ينتمي إليهم صادقا فهو ينتمي الى محمد (ص) ، والانتماء الحقيقي هو العمل الصالح ، لذلك يربط القرآن بين فكرة وحدة الأنبياء وفكرة الجزاء ، وفور ما يحدثنا عن وحدة الأنبياء ، يقول الله تعالى :
(إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)
ويحدثنا في آيات تالية عن الآخرة ، وعن أشراط الساعة ، لان الاقتصار على الولاء النظري الجامد إنّما هو صنمية يجب أن تحطم في نفوس البشر لكي لا يلجأ إليها الإنسان خشية تحمله المسؤولية ، ذلك لأن القرآن يعالج الفكرة الخاطئة بأمرين :
أولا : يكشف القرآن الحكيم زيف الفكرة التي يعتمد عليها البشر ، ويبرّر بها لا مسئوليته ، ولا جدّيته في الحياة.
فمثلا يقول : إن الهروب الى ظل التفرقة الطائفية والمذهبية ، للتخلص من ثقل المسؤولية خطأ ، ذلك لان الرسالات الالهية إنّما هي واحدة.