ثم يحدد القرآن لنا جانبا من واقع الآخرة ، وارتباط الدنيا بذلك الواقع وهو : إن الدنيا تحتوي على خير وشر ، صلاح وفساد ، فالخير والصلاح يتحولان في الآخرة الى جنة ونعيم أما الشر والفساد فيتحولان الى عذاب شديد ، ومن اتقى في الدنيا الشر والفساد ، وابتعد عنهما بالرغم من انهما كانا يحومان حوله ويحوم حولهما ، فانه في الآخرة يدخل نار جهنم ولكنه يخرج منها بسرعة.
القرآن الحكيم يوضح لنا حقيقة فيقول : إن الناس جميعا سوف يدخلون نار جهنم لأنهم جميعهم في الدنيا كانوا قريبين من الشرّ والفساد ، لذلك تجدهم في الآخرة قريبين من نتائجهما ، ولكن الذي ابتعد عنها عمليا في الدنيا فأنه يستطيع أن ينقذ نفسه من نتائجهما عمليا في الآخرة ، ومن لم يفعل ذلك فان شر جهنم سوف يحيط به.
لنتصور الشر الذي يقوم به الإنسان في الدنيا ، حين يؤذي الناس (بلسانه ـ بقلمه ـ بعمله) فأن أعماله هذه تتحول في الآخرة ، الى حيّة حجمها بقدر حجم الأذيّة التي سببها للآخرين في الدنيا ، وعند ما يأتي الإنسان في يوم القيامة يتحتم عليه أن يعبر جهنم لكي يدخل الجنة وفي حالة عبوره يلتقي بصاحبته تلك الحيّة ..
إذن دعنا نتصور ان الحياة الدنيا هي نفسها الآخرة ، إلا أنها في الآخرة أكبر.
وهنالك فكرة تذكر بها هذه الآيات وهي : إن بعض الناس يحسبون ان النعم التي يوفرها الله لهم دليل على إنهم قريبون منه سبحانه ، فاذا لم يكن الله يحبهم فلما ذا أعطاهم القوة والمال والأولاد والجاه والجمال والحيوية؟!
هناك آيات كثيرة من القرآن تنفي هذه الفكرة وتقول : كلا .. إن النعم التي يسبغها الله على الإنسان في الدنيا قد تكون بسبب رضا الله عنه ، وقد تكون بسبب