الشياطين على المؤمن المخلص الذي انتهج منذ البدء طريق الهدى ، والشيطان لا يقدر عليه مهما حاول جهده ، أما ذلك الإنسان الذي كفر بالله ابتداء ، وترك الاعتصام بحبله ، وظل بدون محور صحيح يدور عليه ، ولا قاعدة ثابتة يعتمد عليها ، فأن الله يرسل عليه شيطانا يدفعه الى النار في الآخرة ، والعذاب في الدنيا ، والآية هذه شاهدة على الآية السابقة ، إذ إنّ الشياطين وهم الحكام الظلمة ، والأحزاب الكافرة ، وإبليس وجنوده ، لا يزالون ينخسون مريديهم وتابعيهم ، ويحرضونهم على طاعتهم حتى يوردونهم نار جهنم.
[٨٤] (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ)
لذلك لا تعجل على هؤلاء الذين يمشون في هذا الطريق ، وينتمون الى هذه الأحزاب المشبوهة الباطلة ، في سبيل تثبيت الأنظمة الفاسدة ، فان الشيطان سوف يدفعهم الى مصيرهم المحتوم. جاء في حديث عن قوله : «أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا» قال : نزلت في مانعي الزكاة والمعروف ، يبعث الله عليهم سلطانا أو شيطانا فينفق ما يجب عليه من الزكاة في غير طاعة الله ، ويعذبه على ذلك (١)
(إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا)
إن كل خطوة يخطونها ، وكل سعي يسعونه ، يتحول الى عذاب يعدّه الله لهم ، ويحصيه عليهم ، وقد جعل لدى كل واحد منهم رقيبا من الملائكة ، يسجّل عليه كل حركاته وسكناته بدقة بالغة ، بحيث لا يفوته أدق الأمور ، وهذا الرقيب لا يمل ، ولا يتعب ، ولا يعتريه الخلل أو العطل ، وربما لذلك يستغرق عذاب الآخرة وقتا طويلا ، قد يبلغ ملايين السنين ، وهي الفترة اللازمة لمعاقبة المجرم على كل ما اقترفه في الدنيا
__________________
(١) المصدر.