وأما أصحاب الفيل (١) : فإن أبرهة بن الصباح الأشرم ـ ملك اليمن من قبل النجاشى ـ سار إلى مكة يريد تخريب الكعبة ؛ لأن رجلا من العرب بال فى كنيسة بناها أبرهة بصنعاء ، وكان يعظمها ، ويريد أن يصرف الحج إليها ، وساق معه الفيل. فلما بلغ المغمّس عبّأ جيشه ، وقدّم الفيل ، فكانوا إذا وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح. وإذا وجهوه إلى اليمن ـ أو إلى غيره من الجهات ـ هرول. فأرسل الله تعالى طيرا سوداء ـ وقيل : خضراء ، وقيل : بيضاء ـ مع كل طائر حجر فى منقاره وحجران فى رجليه ، أكثر من العدسة وأصغر من الحمصة. فكان يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره ، ففروا ، وهلكوا فى كل طريق ، وتساقطت أنامل أبرهة ، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ، وانفلت وزيره أبو مكسوم وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشى ، فقص عليه القصة. فلما أتمها وقع عليه الحجر ، فخر ميتا بين يديه.
وخبر أصحاب الفيل أطول من هذا. وهذا ملخص منه.
* * *
__________________
(١) انظر : (شفاء الغرام ١ / ١٨٩ ، ١٩٠).