عمارته لها سنة ست عشرة وستمائة ، [......](٢) ومنها بئران بعرفة ، لا ماء فيهما الآن ، وتاريخ عمارته لهما سنة خمس وستمائة ، وفى الحجر المكتوب لعمارته لكل من البئرين ، أنه أنشأ كلا من البئرين.
ومنها عمارته لبئر ميمون بن الحضرمى ، أخى العلاء بن الحضرمى بأعلا مكة ، فى السبيل المعروف الآن بسبيل الست ، وذلك فى سنة أربع وستمائة.
ومنها إصلاحه للعقبة التى عند باب مكة ، المعروفة بباب الشّبيكة ، واتساعه هذه المحجة ، وذلك فى سنة سبع وستمائة.
ومنها إصلاحه للعقبة المعروفة بعقبة المتكا ، بطريق العمرة ، وعمارته للموضع الذى يقال له المتكا ، وذلك فى سنة خمس وستمائة.
وقد ذكر ابن خلكان له ترجمة كبيرة ، تشتمل على جملة من محاسنه. وذكرنا هنا شيئا من ذلك للتعريف بحاله :
كان والده زين الدين على المعروف بكجك مالكا لإربل ، وبلاد كثيرة من تلك النواحى ، ففرقها ، ولم يبق له سوى إربل ، فلما توفى ، ولى موضعه ولده مظفر الدين المذكور ، وعمره أربع عشرة سنة ، وكان أتابكه مجاهد الدين قايماز ، فأقام مدة ، ثم تعصب عليه مجاهد الدين ، وكتب محضرا ، أنه ليس أهلا لذلك ، وشاور الديوان العزيز فى أمره ، واعتقله ، وأقام أخاه زين الدين أبا المظفر يوسف ، وكان أصغر منه ، ثم أخرج مظفر الدين المذكور من البلاد ، فتوجه إلى بغداد فلم يحصل له بها مقصود ، فانتقل إلى الموصل ، ومالكها يومئذ سيف الدين غازى بن مودود ، فاتصل بخدمته ، وأقطعه مدينة حران ، فانتقل إليها ، وأقام بها مدة. ثم اتصل بخدمة السلطان صلاح الدين ، وحظى عنده ، وتمكن منه ، وزاده فى الإقطاع : الرها وشميساط ، وزوّجه أخته الست ربيعة خاتون بنت أيوب ، وشهد معه مواقف كثيرة ، وأبان فيها عن نجدة وقوة نفس وعزمة ، وثبت فى مواضع لم يثبت فيها غيره ، على ما تضمنه تواريخ : العماد الأصبهانى ، وابن شداد ، وغيرهما ، وشهرة ذلك تغنى عن الإطالة فيه ، ولو لم تكن له إلا وقعة حطين لكفته ، لأنه وقف هو وتقى الدين صاحب حماة ، وانكسر العسكر بأسره.
ثم لما سمعوا بوقوفهما تراجعوا ، حتى كانت النصرة للمسلمين ، وفتح الله سبحانه عليهم. ثم لما كان السلطان صلاح الدين منازلا عكا بعد استيلاء الفرنج عليها ، وردت عليها ملوك الشرق تنجده وتخدمه ، وكان فى جملتهم زين الدين يوسف ، أخو مظفر
__________________
(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.