فأقبل مروان على الوليد بلومه ، ويقول : لا تراهما أبدا. فقال له الوليد : إنى قد أعلم ما تريد ، ما كنت لأسفك دماءهما ، ولا أقطع أرحامهما. انتهى.
وكان من خبر الوليد بعد ذلك ، أن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان ، عزله عن المدينة ، لأنه نقم عليه ما فعله مع الحسين وابن الزبير ، من عدم إلزامه لهما بالبيعة له ، وإهما له لهما ، حتى خرجا من ليلتهما إلى مكة ، وامتنعا فيها من يزيد ، وولى يزيد المدينة ، عمرو ابن سعيد بن العاص ، المعروف بالأشدق ، عوض الوليد بن عتبة.
ذكر معنى ذلك ابن الأثير ، وذكر أن يزيد بن معاوية ، فى سنة إحدى وستين من الهجرة ، عزل عمرو بن سعيد عن المدينة ، وولاها الوليد بن عتبة مع الحجاز ، قال : وكان سبب ذلك ، أن عبد الله بن الزبير ، أظهر الخلاف على يزيد ، وبويع له بمكة بعد قتل الحسين بن على رضى الله عنهما. فقال الوليد بن عتبة ، وناس من بنى أمية ليزيد : لو شاء عمرو ، لأخذ ابن الزبير ، وسرح به إليك ، فعزل عمرا ، وولى الوليد الحجاز ، فأخذ الوليد غلمان عمرو ومواليه ، وحبسهم ، وكلمه عمرو فيهم ، فأبى أن يخليهم ، فسار عمرو عن المدينة ، وأرسل إلى غلمانه بعدتهم من الإبل ، فكسروا الحبس ، وركبوا إليه.
وذكر أن الوليد بن عتبة ، حج بالناس فى سنة إحدى وستين. وقال فى أخبار سنة اثنتين وستين : لما ولى الوليد الحجاز ، أقام يريد غرة ابن الزبير ، فلا يجده إلا محترزا ممتنعا. قال : وكان الوليد يفيض من المغرب ويفيض معه سائر الناس ، وابن الزبير واقف وأصحابه ، ونجدة واقف فى أصحابه. قال : ثم إن ابن الزبير عمل بالمكر فى أمر الوليد ، وكتب إلى يزيد : إنك بعثت إلينا رجلا أخرق ، لا يتجه لرشد ، ولا يرعوى لعصمة الحليم ، فلو بعثت رجلا سهل الخلق ، رجوت أن يسهل من الأمور ما استوعر منها ، وأن يجمع ما تفرق. فعزل يزيد الوليد ، وولى عثمان بن محمد بن أبى سفيان ، وهو فتى غر حدث ، لم يجرب الأمور ، ولم تحنّكه السن. وقال : حج بالناس فى هذه السنة ، الوليد بن عتبة. انتهى.
وذكر خليفة بن خياط : أن يزيد بن معاوية ، عزل الوليد بن عتبة بالحارث بن خالد المخزومى ، وهذا يخالف ما ذكره ابن الأثير ، من أن يزيد بن معاوية ، عزل الوليد بعثمان ، ويمكن الجمع ، أن يكون يزيد ، لما عزل الوليد بعثمان ، أعاد الوليد ثانيا ، لعدم كفاية عثمان ، كما سبق ، ثم عزل يزيد الوليد ثانيا ، بالحارث ، والله أعلم.
وذكر ابن الأثير : أن الوليد بن عتبة كان حيا فى اليوم الذى تسميه أهل الشام ، يوم