فقلت هو الدر الذى كان قد حشا |
|
أبو مضر أذنى تساقطن من عينى |
ثم قال ابن خلكان : ومما أنشده لغيره فى كتابه «الكشاف» عند تفسير قوله تعالى فى سورة البقرة (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) [البقرة : ٢٦] فإنه قال : أنشدت لبعضهم (٦) :
يا من يرى مدّ البعوض جناحها |
|
فى ظلمة الليل البهيم الأليل |
ويرى عروق نياطها فى نحرها |
|
والمخّ فى تلك العظام النّحّل |
إغفر لعبد تاب عن فرطاته |
|
ما كان منه فى الزمان الأول |
قال : وكان بعض الفضلاء قد أنشدنى هذه الأبيات بمدينة حلب ، وقال : إن الزمخشرى المذكور ، أوصى أن تكتب على لوح قبره.
ثم قال ابن خلكان : وكانت ولادة الزمخشرى ، يوم الأربعاء سابع عشرى رجب ، سنة سبع وستين وأربعمائة بزمخشر ، توفى ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بجرجانية خوارزم ، بعد رجوعه من مكة ، رحمهالله تعالى. ورثاه بعضهم بأبيات ، من جملتها (٧) [من البسيط] :
فأرض مكة تذرى الدمع مقلتها |
|
حزنا لفرقة جار الله محمود |
وزمخشر : بفتح الزاى والميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الشين المعجمة وبعدها راء ، وهى قرية كبيرة من قرى خوارزم. وجرجانية : بضم الجيم لأولى وفتح الثانية وسكون الراء بينهما وبعد الألف نون مكسورة وبعدها ياء مثناة من تحتها مفتوحة مشددة ثم هاء ساكنة ، هى قصبة خوارزم. قال ياقوت الحموى فى كتاب «البلدان» : يقال لها بلغتهم كركانج ، وقد عرّبت فقيل لها : الجرجانية ، وهى على شاطئ جيحون : انتهى.
ومن شعر الزمخشرى على ما يقال [من الطويل] :
هو النفس الصّعّاد من كبد حرّى |
|
إلى أن أرى أم القرى مرة أخرى |
وما عذر مطروح بمكّة رحله |
|
على غير بؤس لا يجوع ولا يعرى |
يسافر عنها يبتغى بدلا بها |
|
وربك لا عذرى وربك لا عذرى |
وقد روينا حديثا من روايته ، على أحسن الوجوه التى يروى بها حديثه. أخبرنى به العدل شهاب الدين يوسف بن محمد المحلّى سماعا ، بدار سعيد السعداء من القاهرة ، فى
__________________
(٦) انظر وفيات الأعيان ٥ / ١٧٣.
(٧) انظر وفيات الأعيان ٥ / ١٧٣.