عائشة إنه لا يشكر الله تعالى من لا يشكر الناس» [٤٣٩٧].
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو منصور محمد بن علي بن منصور [نا] إسحاق ، أنا أحمد بن قيس بن سعيد ، أنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر ، أنا أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان ، قال : ومن المعدودين من المعمّرين من قضاعة : زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عدرة بن زيد الله بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة عاش أربع مائة وعشرين سنة ، وكان سيدا مطاعا شريفا في قومه ، ويقال كان فيه عشر خصال لم تجتمعن في غيره من أهل زمانه : كان سيد قومه ، وخطيبهم ، وشاعرهم ، ووافدهم إلى الملوك ، وطبيبهم ـ والطب ذلك الزمان شرف ـ وحازي قومه ـ والحزاة : الكهّان ـ وكان فارس قومه ، وله البيت فيهم ، وله العديد منهم.
فبلغنا أنه عاش حتى هرم وغرض من الحياة وذهب عقله ، فلم يكن يخرج إلّا ومعه بعض ولده ، وإنه خرج ذات عشية إلى مال له ، ينظر إليه فاتبعه بعض ولده ، فقال له : ارجع إلى البلد قبل الليل ، فإني أخاف أن يأكلك الذئب ، فقال : قد كنت ، وما أخشّى الذئب (١) ، فذهبت مثلا ، ويقال : إن (٢) قائل هذا خفّاف بن عمير السلمي ، وهو ابن ندبة السلمي.
قال أبو حاتم : وذكر ابن الكلبي أن هذا ما حفظنا عن من يثق به من الرواة ، وقد ذكر لقيط أيضا نحو من هذا الحديث ، وذكر أن (٣) زهير عاش ثلاثمائة سنة.
قال : ونا أبو حاتم قال : وقال العمري : أخبرني محمد بن زياد الكلبي عن أشياخه من كلب ، قالوا : كان زهير بن جناب قد كبر حتى خرف وكان يتحدث بالعشيّ بين القلب ـ يعني الآبار ـ وكان إذا انصرف عند الليل شق عليه ، فقالت امرأته لميس الأرأشية لابنها خداش بن زهير : اذهب إلى أبيك حين ينصرف ، فخذ بيده ، فقده. فخرج حتى انتهى إلى زهير فقال : ما جاء بك يا بني؟ فقال : كذا وكذا ، قال : اذهب ، فأبى ، فما انصرف تلك الليلة معه ، ثم كان من الغد ، فجاءه الغلام فقال له : انصرف ، فأبى فسأل الغلام ، فكتمه ، فتوعّده فأخبره الغلام الخبر. فأخذه فاحتضنه ، فرجع به ، ثم أتى أهله ،
__________________
(١) راجع المستقصى للزمخشري ٢ / ١٩٢.
(٢) بالأصل وم : «انه».
(٣) بالأصل وم : «انه».