الأنصاري ، حدّثني أبو غزيّة (١) الأنصاري ، حدّثني قرظة (٢) المازني ، عن زياد بن عبيد الله (٣) الحارثي ، وكان أميرا على المدينة في أيام المنصور ، قال : خرجت وافدا إلى مروان بن محمد في جماعة ليس فيهم يماني غيري ، فلما كنا ببابه دفعنا إلى ابن (٤) هبيرة وهو على شرطه وما وراء بابه ، فتقدم الوفد رجلا رجلا ، كلهم يخطب ويطنب في أمير المؤمنين وابن هبيرة ، فجعل يبحثهم عن أنسابهم ، فكرهت ذلك ، فقلت : إن عرفني زاد (٥) عنده شرا ، وكرهت أن أتكلّم فأطنب (٦) ، فجعلت أتأخر رجاء أن يملّ كلامهم فيمسك ، حتى لم يبق غيري ، ثم تقدمت فتكلّمت بدون كلامهم ، وإني لقادر على الكلام. فقال : ممن أنت؟ قلت : من أهل اليمن ، قال : من أيها؟ قلت : من مذحج ، قال : إنك لتطمح بنفسك ، اختصر ، قلت : من بني الحارث بن كعب ، قال : يا أخا بني الحارث إن الناس يزعمون أن أبا اليمن قرد فما تقول في ذلك؟ قلت : وما أقول أصلحك الله؟ إن الحجة في هذا لغير مشكلة. فاستوى قاعدا ، وقال : وما حجتك في ذلك؟ قلت : تنظر إلى القرد أبا من يكنى ، فإن كان يكنى أبا اليمن فهو أبوهم ، وإن كان يكنى أبا قيس فهو أبو من كني به. فنكس ونكث بظفره في الأرض ، وجعلت اليمانية تعضّ على شفاهها تظن أن قد هويت ، والقيسية تكاد تزدريني (٧) ، ودخل بها الحاجب على أمير المؤمنين ، ثم رجع فقام ابن هبيرة فدخل ثم لم يلبث أن خرج ، فقال الحارثي : فدخلت ومروان يضحك ، فقال : إيه (٨) عنك وعن ابن هبيرة فقلت : قال كذا ، فقلت : كذا ، قال : وأيم الله لقد حججته ، أوليس أمير المؤمنين الذي يقول :
تمسّك أبا قيس بفضل عنانها |
|
فليس عليها إن هلكت ضمان |
فلم أر قردا قبلها سبقت به |
|
جياد أمير المؤمنين أتان (٩) |
__________________
(١) عن الجليس الصالح ، وبالأصل : «غره؟؟؟» كذا.
(٢) بالأصل : «مرطه» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٣) الجليس الصالح : عبد الله ، تحريف.
(٤) عن الجليس الصالح وبالأصل : أبي هبيرة.
(٥) الجليس الصالح : زادني.
(٦) الأصل : «فلطيب» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٧) في الجليس الصالح : «والقيسية تكاد أن تزدردني».
(٨) بالأصل : «إنه».
(٩) نسبهما بحواشي الجليس الصالح إلى يزيد بن معاوية.