فإذا أتته فترضاه وتحلله مما قلت له ، قالوا : لا نفعل فإنه أبخل ما يكون عند ذلك ولا يأمن أن يسمعك ما تكره فأرسل إلى أخيه طالوت : فقال هذه مائة دينار خذها وأعطها أخاك وتحلل لي منه ، فقال طالوت : ما اجترئ عليه بذلك وهو لا يحللك أبدا ، قال : فخذ هذه الدنانير وأوصلها إليه ، قال : إن علم أنها من قبلك لم يقبلها ، قال : خذها واصنع بها شيئا يصل إليه نفعه ، قال : فأخذها فاشترى له منها جارية فهي أم ولده اسمها سلامة ولا يعلم ابن [أبي](١) ذئب بذلك ، ولو علم ما قبلها أبدا قال : وكان لا يذكر قربة زيادة عليه إلّا ... (٢) وتلهف وقال : لو لا خوف الله لرددتها عليه.
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا ومناولة ، وقد [قرأ] عليّ إسناده ـ أنا أبو علي الجازري ، أنا المعافي بن زكريا (٣) ، نا المظفّر بن يحيى بن أحمد المعروف بابن الشرابي (٤) ، نا أبو العباس المرثدي ، أنا أبو إسحاق الطّلحي ، أخبرني أبو محمد عيسى بن عمر بن عيسى التيمي ، قال : كان زياد بن عبيد الله (٥) الحارثي ـ خال أبي العباس أمير المؤمنين ـ واليا لأبي العباس على مكة ، فحضر أشعب مائدته في أناس من أهل مكة ، وكانت لزياد بن عبيد الله (٦) صحفة يخص بها ، فيها مضيرة (٧) من لحم جدي ، فأتي بها ، فأمر الغلام أن يضعها بين يدي أشعب ، حتى أتى على ما فيها. فاستبطأ زياد بن عبيد الله (٨) المضيرة فقال : يا غلام الصحفة التي كنت تأتيني بها؟ قال : أتيتك بها أصلحك الله ، فأمرتني أن أضعها بين يدي أبي العلاء ، قال : هنأ الله أبا العلاء ، وبارك الله فلما رفعت المائدة ، قال : يا أبا العلاء ـ وذاك في استقبال شهر رمضان ـ قد حضر هذا الشهر المبارك ، وقد رققت (٩) لأهل السجن لما هم فيه من الضر ، ثم لا نهجام الصوم عليهم ، وقد رأيت أن أصيّرك إليهم فتلهيهم بالنهار وتصلّي بهم بالليل. وكان أشعب
__________________
(١) بالأصل : ابن دويب وفي م : من دويب.
(٢) غير مقروءة بالأصل وم.
(٣) الجليس الصالح الكافي ٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥.
(٤) مهملة بالأصل ورسمها : «السراى؟؟؟» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٥) في الجليس الصالح : عبد الله ، تحريف.
(٦) في الجليس الصالح : عبد الله ، تحريف.
(٧) المضيرة : هي أن تطبخ اللحم باللبن البحت الصريح حتى ينضج اللحم وتخثر المضيرة (اللسان : مضر).
(٨) بالأصل والجليس الصالح : عبد الله.
(٩) بالأصل : رفعت ، والصواب عن الجليس الصالح.