تنقى](١) نيّفا وستين غلاما من أبناء الدهاقين لنفسه ، وله جارية تدعى عقيلة تغدّي جفنة وتعشّي جفنة وليس منا رجل يقدر على ذلك ، وله قفيزان وله خاتمان ، وفوّض إلى زياد بن أبي سفيان ـ وكان زياد يلي أمور البصرة ـ وأجاز الحطيئة (٢) بألف فكتب عمر كلما قال.
قال : وبعث إلى أبي موسى فلما قدم حجبه أياما ، ثم دعا به ودعا ضبّة بن محصن ، ودفع إليه الكتاب فقال : اقرأ ما كتب ، فقرأ : أخذ ستين غلاما ، فقال أبو موسى : دللت عليهم وكان لهم فدي ففديتهم ، فأخذته فقسمته بين المسلمين ، فقال ضبّة : والله ما كذب ولا كذبت ، فقال : له قفيزان ، فقال أبو موسى قفيز (٣) لأهلي أقوتهم ، وقفيز في أيديهم للمسلمين يأخذون به أرزاقهم ، فقال ضبّة : والله ما كذب ولا كذبت ، فلما ذكر عقيلة سكت أبو موسى فلم يعتذر ، وعلم أن ضبّة قد صدقه. فقال : وزياد يلي أمور الناس ولا يعرف هذا ما يلي. فقال : وجدت له نبلا ورأيا ، فأسندت إليه عملي ، قال : وأجاز الحطيئة (٤) بألف ، قال : سددت فمه بمالي أن يشتمني قال : قد فعلت ما فعلت ، فرده عمر فقال إذا قدمت فأرسل إليّ زيادا وعقيلة ففعل ، فقدمت عقيلة قبل زياد وقدم زياد فأقام بالباب فخرج عمر وزياد قائم بالباب وعليه ثياب بياض كتان فقال : ما هذه الثياب؟ فأخبره فقال : كم أثمانها؟ أخبره بشيء يسير وصدّقه ، فقال له : كم عطاؤك؟ قال : ألفان ، قال : ما صنعت في أول عطاء خرج؟ قال : اشتريت به والدتي فأعتقتها ، واشتريت بالثاني ربيبي عبيدا فأعتقته قال : وفّقت فسأله عن الفرائض والسنن والقرآن فوجده فقيها ، فردّه وأمر أمراء البصرة أن يسيروا برأيه وحبس عقيلة بالمدينة ، وقال عمر : ألا أن ضبة بن محصن العنزي غضب على أبي موسى في الحقّ أن أصابه ، فارقه مراغما أن فاته أمر من أمور الدنيا فصدق عليه وكذب ، فأفسد كذبه صدقه ، فإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى النار ، وكان الحطيئة قد لقيه فأجازه من غزاة بيروذ وكان أبو موسى قد ابتدأ غزاتهم وحصارهم حتى فلّهم ، ثم جازهم ، ووكّل بهم الربيع ، ثم رجع إليهم بعد الفتح فولي القسم.
__________________
(١) ما بين معكوفتين مكانها مطموس بالأصل ، والعبارة استدركت عن الطبري.
(٢) بالأصل : «الخطبة» والصواب عن الطبري.
(٣) القفيز مكيال ، ثمانية مكاكيك ، والمكوك مكيال يسع صاعا ونصفا.
(٤) بالأصل : «الخطبة» والصواب عن الطبري.