أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن بيري ، نا السّري بن يحيى (١) ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن محمد ، وطلحة ، قالا : وكان زياد بن أبي سفيان ممن اعتزل ولم يشهد المعركة ـ يعني يوم الجمل ـ قعد وكان في بيت نافع (٢) بن الحارث ، وجاء عبد الرحمن بن أبي بكرة في المستأمنين مسلما بعد ما فرغ من البيعة فقال له عليّ : وعمك المتربص المتقاعد بي قال : والله يا أمير المؤمنين إنه لك لوادّ وأنه على مسرّتك لحريص ، ولكن بلغني أنه يشتكي ، وأعلم لك علمه ثم آتيك وكتم عليا مكانه حتى استأمره فأمره أن يقبله فقال عليّ : امش أمامي فاهدني (٣) إليه ففعل ، فلما دخل عليه قال : تقاعدت عني وتربّصت بي ووضع يده على صدره ، فقال : هذا وجع بيّن واعتذر إليه زياد ، فقبل عذره واستأثره وأراده على البصرة ، فقال : رجل من أهل بيتك تسكن إليه الناس فإنه أجدر أن يطمئنوا وينقادوا وسأكفيكه وأشير عليه فافترقا على ابن عباس رحمهالله ورجع إلى منزله.
وأمّر ابن عباس على البصرة ، وولّى زياد الخراج وبيت المال وأمر ابن عباس أن يسمع منه ، وكان ابن عباس يقول استشرته عند هنة كانت من الناس فقال : إن كنت تعلم أنك على الحق وأنّ من خالفك على الباطل أشرت عليك بما ينبغي ، وإن كنت لا تدري أشرت عليك بما ينبغي لك ، فقال له : إني على الحق وإنهم على الباطل ، فقال : اضرب بمن أطاعك من عصاك ، ومن ترك أمرك فكان أعزّ للإسلام أن يضرب عنقه وأصلح له فاضرب عنقه ، فلما ولّى رأيت ما صنع وعلمت أنه قد اجتهد لي رأيه.
أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد ، أنا عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد ، أنا أبو الحسن بن الحمّامي ، أنا أبو صالح القاسم بن سالم بن عبد الله الأخباري ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أحمد بن ملاعب بن حبان ، نا ورد بن عبد الله ، نا محمد بن طلحة ، عن الهجيع بن قيس ، قال : كتب زياد إلى الحسن والحسين وعبد الله بن عباس يعتذر إليهم في شأن حجر وأصحابه (٤) ، فأما الحسن فقرأ كتابه
__________________
(١) الخبر في تاريخ الطبري حوادث سنة ٣٦ (٥ / ٢٢٤ ط دار القاموس الحديث ـ بيروت).
(٢) بالأصل : رابع والصواب ما أثبت.
(٣) بالأصل : «فأهتدى» والمثبت عن الطبري.
(٤) انظر ما تقدم في كتابنا مقتل حجر وأصحابه.