قال أبو العربان : ما هذه الجلبة ، قالوا : زياد بن أبي سفيان ، قالوا : والله ما ترك أبو سفيان إلّا يزيد ومعاوية وعتبة وعنبسة وحنظلة ومحمد ، فمن أين جاء زياد؟ فبلغ معاوية كلامه ، فكتب إلى زياد أن سد عنا وعنك هذا الكلب ، فأرسل إليه زياد بمائتي دينار ، فقال أبو العربان : وصل الله ابن أخي وأحسن جزاءه ، قال : ثم مرّ به زياد من الغد ، فسلم ، فبكى أبو العربان ، فقال : ما يبكيك؟ قال : عرفت حزم صوت أبي سفيان في صوت زياد ، فبلغ ذلك معاوية وكتب إليه :
ما لبتك الدنانير الذي رشيت |
|
إن لوثتك أبا العربان ألوانا |
أمسى وليس زياد في أرومته |
|
نكرا وأصبح ما يمرّ به عرفانا |
لله درّ زياد لو تعجلها |
|
كانت له دون ما يخشاه قرمانا |
فلما قرئ كتاب معاوية على أبي العربان قال : اكتب يا غلام :
أخذت لنا صلة يعنى النفوس بها |
|
قد كدت بابن أبي سفيان تنسانا |
أما زياد فلا أمر بنسبته |
|
ولا أريد بما حاولت بهتانا |
من يسد خيرا يصبه حيث يفعله |
|
أو يسد شرا يصبه حيث ما كانا |
كذا في هذه الحكاية ، وفيها نظر ، فإن حنظلة قتل يوم بدر كافرا ، ويزيد مات في حياة أبيه أبي سفيان ، فإن أراد بقوله ما ترك أبو سفيان أي ما ولد فقد أخلّ بذكر عمرو بن أبي سفيان ، وإن (١) أراد ما خلف بعده فقد وهم ، فإن يزيد وحنظلة تقدماه.
أخبرنا أبو محمد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، نا أبو الحسن بن رزقويه (٢) ، أنا محمد بن يحيى بن عمر ، نا علي بن حرب ، نا سفيان ، قال : كان عمر بن عبد العزيز إذا كتب إلى عماله فذكر زيادا فقال : إن زيادا (٣) صاحب البصرة ، ولا ينسبه.
أخبرنا أبو نصر محمد بن حمد الكبريتي ، أنا أبو مسلم محمد بن علي بن محمد بن مهرابرد ، أنا أبو بكر المقرئ ، أنا أبو عروبة ، نا إسحاق بن إبراهيم الصّوّاف ، نا قريش بن أنس ، نا شعبة ، عن سعيد بن إبراهيم ، عن سعيد بن المسيّب ، قال : أول
__________________
(١) بالأصل : «أدار» وفي م : وأنا راد.
(٢) بالأصل وم : زرقويه.
(٣) بالأصل : زياد.