قوله : أطرقوا وراءكم في مكانس الرّيب يريد استتروا (١) بكم ، والمكانس جمع مكنس ، وأصله موضع الظبي من أصل الشجرة التي يقال لها كنس الظبي ، فهو كانس إذا دخله ، ويقال له كناس أيضا.
وقال في حديث زياد أنه قال على المنبر : إن الرجل يتكلم بالكلمة لا يقطع بها ذنب عنز مصور لو بلغت إمامه سفك دمه.
بلغني عن أبي الحسن المدائني ، قال أبو زيد : المصور من المعز خاصة وجمعها مصائر ، وهي التي انقطع لبنها إلّا قليلا ومثلها الضأن الجدود (٢).
قال الأصمعي : إنما قيل لها مصور لأنه يتمصّر لبنها قليلا قليلا ، والمصر والقطر الحلب بإصبعين أو ثلاث فإن حلبتها بالكف فقد صففتها وهو من الصفّ ، وأما الصّبّ فهو الحلب بأطراف الأصابع ، وأراد زياد أن الرجل ليتكلم بالكلمة لا تنفعه ولا يجترئ عليها ، وفيها ضربت عنقه لو بلغت سلطانه ولمثل هذا قيل مقتل الرجل بين فكيه.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف.
وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي ، نا محمد بن يحيى الصولي ، نا العلائي ، نا العتبي ، قال : خطب زياد الناس فتكلم بشعر وهو لا يريده ، فقال :
ألا ربّ مسرور بنا لا يسرّه |
|
وآخر يخشى ضرّنا لا نضرّه |
ألا وإن الناس منصرفون بمشيئة الله ، فهم من بين واقف وماضي ، ومتسخّط وراضي ، وكلّ إلى أجل وكتاب يصير إلى عقاب وثواب.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد ، أنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، نا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن معروف ، نا ابن بكر ، نا أحمد بن الخليل ، نا ابن عبيدة ـ يعني عمر بن شبّة (٣) ـ ، نا الصلت ، نا أحمد ، حدثني سليمان بن صالح ، حدثني عبد الله بن يونس ، عن الزّهري ،
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي اللسان (كنس) : والمعنى : اشتروا في موضع الريبة.
(٢) بالأصل : الحدود بالحاء المهملة ، والمثبت عن اللسان.
(٣) بالأصل : شيبة ، والصواب ما أثبت ، وقد مضى التعريف به.