قال : سمعت رجلا من أهل الرأي يقول :
سمعت زيادا (١) على المنبر يقول : إنّ أكذب الناس من قام على رأس مائة ألف فكذّبهم ، إني والله لا أعدكم خيرا إلّا أنجزته لكم ، ولا شرا إلّا أنجزته لكم ، ولا أعاقبكم بذنب حتى أتقدم إليكم فيه ، فاتّقوا غضب السلطان ، فإنه يغضبه ما يغضب الوليد ، ويأخذ أخذ الأسودة ، وله ملك مؤجّل فإذا انقضت مدته كشفه الله عنكم.
أخبرنا أبو العزّ السلمي ـ إذنا ومناولة ، وقرأ علي إسناده ، وقال : اروه عني ـ أنا محمد بن الحسين ، نا المعافى بن زكريا ، نا محمد بن الحسن بن دريد ، نا أبو حاتم ، عن أبي عبيدة ، عن يونس ، قال :
كان زياد إذا ولى رجلا عملا قال له : خذ عهدك وسر إلى عملك ، واعلم أنك مصروف رأس سنتك وانك تصير إلى أربع خلال ، فاختر لنفسك ، إنّا إن وجدنا [ك] أمينا ضعيفا استبدلناك لضعفك ، وسلّمتك من معرتنا أمانتك ، وإن وجدناك قويا خائنا استهنا بقوتك ، وأحسنّا على خيانتك أدبك ، وأوجعنا ظهرك ، وثقلنا غرمك ، وإن جمعت علينا الحرمين جمعنا عليكم المصرين ، وإن وجدناك أمينا قويا زدنا في عملك ، ورفعناك ذكرك وكثّرنا مالك وأوطئنا عقبك.
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم ، أنا محمد بن علي بن حبيش ، نا الحسن بن علي بن نصر ، نا محمد بن عبد الكريم ، نا الهيثم بن عدي ، نا ابن عياش ، نا الشعبي ، حدثني عجلان مولى زياد ، وكان حاجبه ، قال :
كان زياد إذا خرج من منزله مشيت أمامه إلى المسجد ، فإذا دخل مشيت أمامه إلى مجلسه ، فدخل مجلسه ذات يوم فإذا هو بهرّ في زاوية فذهبت أزجره ، فقال : دعه فأرب ماله ، ثم صلّى الظهر ، ثم عاد إلى مجلسه ثم صلّى العصر فعاد إلى مجلسه ، كلّ ذلك يلاحظ الهرّ ، فلما كان قبل غروب الشمس خرج جرذ فوثب إليه فأخذه فقال زياد : من كانت له حاجة فليواظب عليها مواظبة الهرّ فظفر بها.
قال : وحدثني عجلان ، قال :
قال لي زياد : أدخل علي ـ ويحك ـ رجلا عاقلا قال : قلت لا أعرف من تعني ،
__________________
(١) بالأصل : زياد.