أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو بكر محمد بن هبة الله ، أنا علي بن محمد بن عبد الله ، أنبأ الحسين بن صفوان ، أنا عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان ، حدثني أبي ، عن هشام بن محمد ، قال : قدم الهيثم بن الأسود على زياد بعهده على الحجاز وهو بتلك الحال ، فقيل له : هذا الهيثم بالباب معه عهدك على الحجاز ، فقال : ويحكم ما أصنع بالهيثم وما معه ، والله لشربة من ماء أسيغها أحبّ إليّ من الهيثم ، وما جاء به.
قال : ونا عبد الله بن محمد ، قال : وحدثني أبو زيد النميري ، نا الأصمعي ، أنا ابن أبي الزناد ، قال : لما حضرت زيادا الوفاة ، قال له ابنه : يا أبة قد هيأت لك ستين ثوبا أكفنك فيها ، قال : يا بني قد دنا من أبيك لباس خير من هذا أو سلب شيء.
أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أحمد بن محمد ، وعبد الباقي بن محمد ، قالا : أنا أبو طاهر ، نا عبيد الله بن عبد الرحمن ، نا زكريا بن يحيى ، نا الأصمعي ، نا ابن أبي الزناد ، قال : لما حضرت زياد الوفاة ، قال له ابن له : يا أبة قد هيأت لك ستين ثوبا أكفنك فيها ، فقال : يا بني قد دنا من أبيك لباس خير من هذا ، أو سلب شيء.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني شفاها ، أنا أبي أبو الحسين ، أخبرني أبو الميمون ـ يعني أحمد بن محمد بن بشر بن مامية القرشي الدمشقي ، حدثني محمد بن إدريس الشافعي ، قال : أوصى زياد فقال : هذا ما أوصى به زياد بن أبي سفيان حيث أتاه من أمر الله ما ينتظر ، ومن قدرته ما لا ينكر ، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، شهادة من عرف ربه ، وخاف دينه (١) ، وأن محمدا عبده ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، وأوصى أمير المؤمنين ، وجماعة المسلمين بتقوى الله حقّ تقاته ، ولا يموتن إلّا وهم مسلمون ، وأن يتعاهدوا كبير أمرهم وصغيره ، فإن الثواب في الكبير على قدره في التحمل له ، والصبر غير قليل في حاجتهم إليه وطاعتهم الله فيه ، وان الله جعل لعباده عقولا عاقبهم بها على معصيته ، وأثابهم على طاعته ، فالناس بين محسن بنعمة الله عليه ومسيء بخذلان الله إياه ، ولله النعمة على المحسن ، والحجة على المسيء ، فما أحق من تمت نعمة الله عليه في نفسه ، ورأى العبرة في غيره ، بأن يضع الدنيا بحيث وضعها الله ، فيعطي ما عليه منها ، ولا يتكثّر بما ليس له فيها ، فإن الدنيا دار لا سبيل إلى بقائها ، ولا بد من لقاء الله ،
__________________
(١) كذا ، وفي مختصر ابن منظور ٩ / ٨٩ ذنبه.