إنما هو أبدا يخلو وحده بعد العصر وبعد الصبح.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنبأ أبي أبو العباس ، أنبأ أبو نصر بن الجبّان (١) ، أنا محمد بن سليمان الرّبعي ، نا القاضي أبو عبد الله البركاني ، واسمه محمد بن أحمد بن سهل ، نا أبو زرعة ، نا عبد العزيز بن عبد الله ، نا مالك ، عن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش أنه دخل على عمر بن عبد العزيز ، وهو يومئذ خليفة ، قال : فلما دخل عليه وعلى زياد ثياب صوف ، قال : مالك : وكان زياد لا عهد له بالدخول على الأمراء ، قال مالك : فحسبت أنه حضر فسلّم ، وجلس ، ثم ذكر أنه لم يسلم على أمير المؤمنين فاستعظم ذلك ، ثم قال زياد : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال عمر : أما أنا لم أنكر الأولى ، قال مالك : ولزياد قال الشاعر :
يا أيها القارئ المرخي عمامته |
|
هذا زمانك إنّي قد خلا زمني |
أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنبأ محمد بن العباس بن محمد ، نا ابن أبي داود ، قال : قرئ على الحارث بن مسكين ، وأنا أسمع عن بعض أصحابه عن مالك قال : قال مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز : اشتريت لعمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة للوليد كساء خزّ بستمائة دينار أو سبعمائة دينار ، فجعل يجسّه ويقول : إنه خشن ، فلما ولي الخلافة قال : إني لأجد البرد بالليل ، فاشتريت له كساء بعشرة دراهم ، فلما أتيته به جعل يجسّه ويقول : إنه للين ، فضحكت ، فقال : مم تضحك؟ فقلت : ما تذكر حين اشتريت لك كساء بستمائة دينار أو بسبعمائة فجعلت تقول إنه لخشن وتقول لهذا : إنه للين ، فقال : يا مزاحم والله لئن كان عيش سليمان بن عبد الملك وعيش زياد مولى ابن عياش واحدا ، لأن أعيش في الدنيا بعيش سليمان أحب إليّ ، ولئن كان زياد مولى ابن عياش صبر في الدنيا على العيش الذي يعيشه لكي يطيب له العيش في الآخرة ، فو الله لأن أصبر على مثل عيش زياد هذه الأيام القلائل ليطيب لي العيش في الآخرة في تلك الأيام الكثيرة أحب إليّ أو كما قال الحارث (٢).
قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن ، عن الحسن بن علي ، عن أبي عمر محمد بن العباس ، أنا سليمان بن إسحاق الجلّاب ، نا حارث بن أبي أسامة ، نا
__________________
(١) مهملة بالأصل وم بدون نقط ، والصواب ما أثبت.
(٢) الخبر في بغية الطلب ٩ / ٣٩٤٢.