دماغه جانبا ، وتقع الصخرة جانبا قلت : ما هذا؟ قالا لي : امضه. فمضيت فإذا أنا بملك وأمامه آدمي ، وبيد الملك كلّوب من حديد ، فيضعه في شدقه الأيمن فيشقه حتى ينتهي إلى أذنه ، ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن ، قال : قلت : ما هذا؟ قالا : امضه فمضيت ، فإذا أنا بنهر من دم يمور كمور المرجل ، غلي فيه قوم عراة ، على حافة النهر ملائكة بأيديهم مدرتان ، كلما طلع طالع قدفوه بمدرة ، فيقع في فيه ، وينتقل إلى أسفل ذلك النهر ، قلت : ما هذا؟ قالا : امضه ، فمضيت فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه ، فيه قوم عراة ، توقد من تحتهم النار ، أمسكت عليّ أنفي من نتن ما أجد من ريحهم ، قلت : من هؤلاء؟ قالا لي : امضه ، فمضيت ، فإذا أنا بتلّ أسود ، عليه قوم مخبّلين تنفخ النار في أدبارهم ، فتخرج من أفواههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم ، قلت : ما هذا؟ قالا لي : امضه ، فمضيت فإذا أنا بنار مطبقة موكل بها ملك ، لا يخرج منها شيء إلّا اتّبعه حتى يعيده فيها ، قلت : ما هذا؟ قالا لي : امضه ، فمضيت ، فإذا أنا بروضة ، وإذا فيها شيخ جميل لا أجمل منه ، وإذا حوله الولدان ، وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة ، فصعدت ما شاء الله من ذلك الشجرة ، وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها من زمرّدة جوفاء وزبرجدة خضراء ، وياقوتة حمراء ، قلت : ما هذا؟ قالا : امضه ، فمضيت ، فإذا أنا بنهر عليه جسران من ذهب وفضة ، على حافتي النهر منازل ، لا منازل أحسن منها من درة (١) جوفاء ، وزبرجدة خضراء ، وياقوتة حمراء ، وفيه قدحان وأباريق تطّرد قلت : ما هذا؟ قال لي : انزل فنزلت ، فضربت بيدي إلى إناء منها فغرفت ، ثم شربت ، فإذا أحلى من عسل ، وأشد بياضا من اللبن ، وألين من الزبد ، فقال لي :. ما صاحب الصخرة الذين رأيت يضرب بها هامة الآدمي فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة في جانب فأولئك الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة ، ويصلون الصلاة لغير مواقيتها ، يضربون بها حين يصيروا إلى النار.
وأما صاحب الكلّوب الذي رأيت ملكا موكلا بيده كلّوب من حديد يشق به شدقه الأيمن حتى ينتهي إلى أذنه ، ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن فأولئك الذين كانوا يمشون بين المؤمنين بالنميمة ، فيفسدون بينهم ، فهم يعذّبون بها حتى يصيروا إلى النار.
وأما ملائكة بأيديهم مدرتان من النار ، كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه
__________________
(١) مختصر ابن منظور : زمردة جوفاء.