سريعا حين قال له الراهب ما قال يريد مكة ، حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه ، فقال ورقة بن نوفل ـ وقد كان اتّبع مثل أثر زيد ، ولم يفعل في ذلك ما فعل زيد ـ فبكى ورقة فقال (١) :
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما |
|
تجنّبت تنّورا من النار حاميا |
بدينك ربّا ليس ربّ كمثله |
|
وتركك أوثان الطواغي كما هيا |
وقد تدرك الإنسان رحمة ربّه |
|
ولو كان تحت الأرض ستين واديا (٢) |
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن ، أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا أحمد بن طارق الوابشي ، نا عمرو بن عطية ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه كان يتأله في الجاهلية ، فانطلق حتى أتى رجلا من اليهود ، فقال له : أحب أن تدخلني معك في دينك ، فقال له اليهودي : لا أدخلك في ديني حتى يثق (٣) بنصيبك من غضب الله ، فقال من غضب الله أفر ، فانطلق حتى أتى نصرانيا ، فقال له : أحب أن تدخلني معك في دينك ، فقال : لست أدخلك في ديني حتى تبوء بنصيبك من الضلالة ، فقال : من الضلالة أفر ، قال له النصراني : فإني أدلك على دين إن اتّبعته اهتديت ، قال له : أي دين؟ قال : دين إبراهيم ، قال : فقال : اللهم إني أشهدك إني على دين إبراهيم ، عليه أحيا ، وعليه أموت ، قال : فذكر شأنه للنبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «هو أمة وحده يوم القيامة» [٤٥٥٨].
وهو ابن عمّ عمر بن الخطاب بن نفيل.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنبأ علي بن محمّد بن عبد الله بن أبي سيف القرشي ، عن إسماعيل بن مجالد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطاب قال : قال زيد بن عمرو بن نفيل :
__________________
(١) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص ٩٩ وسيرة ابن هشام ١ / ٢٤٧.
(٢) في سيرة ابن هشام : سبعين واديا.
وقال ابن هشام بعد ذكره عدة أبيات : يروي لأمية بن أبي الصلت البيتان الأولان منها.
(٣) كذا وفي م : «تتق بنفسك» وفي مختصر ابن منظور ٩ / ١٦٥ تبوء ، وهو أظهر.