أحدهما الآخر بتحية الجاهلية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا زيد بن عمرو ما لي أرى قومك قد شنفوا لك» قال : أما والله إن ذلك مني لبغير نائرة كانت مني إليهم ، ولكني أراهم على ضلال ، وخرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار خيبر فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقلت : ما هذا بالدين الذي أبتغي ، فخرجت حتى أقدم على أحبار أيلة ، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقال : ما هذا بالدين الذي أبتغي ، فقال لي حبر (١) من أحبار الشام : إنك لتسأل عن دين ما يعلم أحدا (٢) يعبد الله به إلّا شيخا بالجزيرة ، فخرجت حتى قدمت عليه ، فأخبرته بالذي خرجت له ، فقال : إنّ كل من رأيت في ضلال ممن أنت ، فقلت : أنا من أهل بيت الله من أهل الشوك والقرظ ، قال : فإنه قد خرج في بلدك نبي أو خارج قد طلع نجمه ، فارجع فصدّقه واتّبعه وآمن به ، فرجعت فلم أحس شيئا بعد ، قال : فأناخ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعيره ثم قدمنا إليه السّفرة ، فقال : ما هذا؟ قال : شاة ذبحناها لنصب من الأنصاب ، قال زيد : ما آكل شيئا ذبح لغير الله ، ثم تفرقا ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فطاف بالبيت ، قال زيد بن حارثة : وأنا معه ، وكان صنمان من نحاس ، أحدهما يقال له يساف ، والأخير نائلة ، مستقبل البيت يتمسح بهما الناس إذا طافوا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تمسّهما ولا تمسّح بهما» ، فطفنا ، قال زيد : فقلت في نفسي لأمسنهما حتى أنظر ما يقول ، فمسستهما ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألم تنهه» ، فلا والذي أكرمه ما مسهما حتى أنزل عليه ، ومات زيد بن عمرو بن نفيل قبل الإسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لزيد يأتي يوم القيامة أمّة وحده» [٤٥٦٤].
أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن البنّا ، أنبأ أبو القاسم بن البسري ، وأخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد ، وأبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، وأبو محمّد محمود بن محمّد بن مالك ، وأبو يحيى بشير بن عبد الله ، قالوا : أنا أبو محمّد رزق الله بن عبد الوهاب ، قالا : أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا محمّد بن مخلد ، نا طاهر بن خالد بن نزار قال : حدّثني أبي ، أخبرني عبد الرّحمن بن أبي الزّناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنه سمع سعيد بن زيد يقول : مشيت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعمر بن الخطاب ، فسألناه عنه ، فقال : «يبعث يوم القيامة أمّة وحده» ـ يعني زيد بن عمرو بن نفيل [٤٥٦٥] ـ.
__________________
(١) بالأصل : «خير من أخبار الشام» والصواب عن م ، وقد مضى الحديث قريبا في ترجمة زيد بن حارثة.
(٢) كذا بالأصل وفي م : ما تعلم أحدا ولعله : ما نعلم أحدا.