المؤمنين عبد الملك فيهما فقال قبيصة : قد أصاب أمير المؤمنين القضاء غير أني وددت أنه خفف من الجلد ، فقلت لقبيصة : فكم كنت ترى أن يجلدا (١)؟ قال : كنت أرى أن يجلد كل واحد منهما عشرين سوطا ، قال محمّد : وكان سفيان بن الأبرد هو أفتى أم الولد وزوجها ، وهو أمير هم يومئذ بأن تزوّج قبل أن تعتدّ أربعة أشهر وعشرا ، فرد ذلك عليه عبد الملك ، وقضى بما ذكرناه.
وحكى أبو محمّد عبد الله بن سعد القطربلي عن الواقدي ، حدّثني عاصم بن الحكم بن عوانة ، عن أخيه عوانة قال :
غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية (٢) ومعه سفيان بن الأبرد الكلبي ، وحميد بن حريث بن بحدل الكلبي فرأى بعض أبواب القسطنطينية لا يغلق ليلا ولا نهارا فسأل في ذلك فقيل له : إنما تركته الروم مفتوحا لعزهم في أنفسهم ، وأنهم لا يخافون أحدا يدخل عليهم منه (٣) ، فقال : لئن أصبحت صالحا فيغلقنه أو لأدخلن عليهم ، وقال لسفيان وعبيد شدا إليّ إذا شددت من ظهري ، فلما أصبح شدّ بينهما فامتدا للباب ، فشدّ بطريق من بطارقة الروم على سفيان فطعنه فصرعه ، وشدّ حميد على البطريق فطعنه فخرّ ميتا ، واتّبع يزيد حتى إذا قرب من الباب أغلقته الروم ، فطعنه يزيد ، وقد قيل : إن حميدا كان الطاعن ، ثم انصرفا فقال يزيد : خالي خالي ـ يعني سفيان ـ فلما انتهى إليه نزل فوضع رأسه في حجره وقال : علي بالمتطبب فأتي به فنظر إلى الطعنة التي بسفيان فقال : ابغوني شحما فأبطئ عليه فقال : شقوا بطن البطريق فأخرجوا من شحمه ففعل ذلك وأتي بشيء من شحم بطنه فأدخله في طعنة سفيان ثم خاطها فبرأ سفيان ولم يولد له.
بلغني أن سفيان بن الأبرد مات في أيام عبد الملك بن مروان سنة أربع وثمانين أو سنة خمس وثمانين.
٢٥٨٢ ـ سفيان بن الحارث النّوفلي
ويقال شيبان بن الحارث الغطفاني
شاعر من أهل الحجاز ، وفد على عبد الملك بن مروان ، ويقال على يزيد بن
__________________
(١) بالأصل : يجلد خطأ والصواب ما أثبت عن م.
(٢) بالأصل وم القسطنطينة خطأ والصواب ما أثبت.
(٣) بالأصل منهم ، خطأ والصواب ما أثبت عن م.