أن امرأة ماتت وتركت ابني عمها أحدهما زوجها ، والآخر أخوها لأمها ، فاختصموا إلى شريح ، فقال : للزوج النصف ، وما بقي فللأخ للأمّ ، فارتفعوا إلى علي بن أبي طالب ، فقالوا : إن شريحا قال كذا وكذا ، قال : ادعوا إليّ العبد الأبظر (١) ، فدعي له ، فقال : كيف قضيت بين هذين؟ فأخبره ، فقال علي : أفي كتاب الله وجدت هذا أم في سنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : بل في كتاب الله ، قال : وأين هو من كتاب الله؟ قال : يقول الله عزوجل (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ)(٢) فقال : هل تجد في كتاب الله عزوجل للزوج النصف وما بقي فللأخ من الأمّ؟ فقال علي : للزوج النصف وللأخ من الأم السّدس ، وما بقي فهو بينهما نصفان (٣).
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، أنبأ أبو أحمد الحريري ، محمّد بن أحمد بن يوسف ، ثنا أحمد بن الحارث الخراز ، نا أبو الحسن المدائني ، عن مبارك بن سلام ، عن مجالد ، عن الشعبي قال :
ضاع درع لعليّ ـ كرّم الله وجهه ـ يوم الجمل ، فأصابها رجل من بني قفل (٤) فباعها فعرفت (٥) عند مرحل من اليهود ، فقال : اشتريتها من بني قفل ، فخاصمه علي إلى شريح ، فشهد لعلي الحسن بن علي ومولاه قنبر ، فقال لعليّ شريح : زدني شاهدا مكان الحسن ، فقال : أترد شهادة الحسن؟ قال : لا ، ولكني حفظت أنك قلت : لا يجوز شهادة الولد لوالده ، فقال علي ـ رضياللهعنه ـ : الحق ببانقيا (٦) واقض عليها ، واستعمل على الكوفة محمّد بن زيد بن خليد الشيباني ، ثم عزله وأعاد شريحا (٧).
أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنبأ أحمد بن الحسن بن أحمد ، أنبأ يوسف بن رباح بن علي ، أنبأ أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، ثنا محمّد بن أحمد بن حمّاد ، ثنا معاوية بن صالح ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : شريح بن الحارث القاضي قضى لعمر وللحجّاج بن يوسف.
__________________
(١) بالأصل «الأبطر» انظر ما مرّ فيه قريبا.
(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ٦.
(٣) الخبر في أخبار القضاة ٢ / ١٩٦.
(٤) إعجامها مضطرب بالأصل وتقرأ : فقل بتقديم الفاء.
(٥) بالأصل : فغرقت خطأ ، والصواب عن مختصر ابن منظور ١٠ / ٢٩٧.
(٦) بانقيا ناحية من نواحي الكوفة (معجم البلدان).
(٧) الخبر في أخبار القضاة ٢ / ١٩٤ ـ ١٩٥ وانظر حلية الأولياء ٤ / ١٤٠.