وشهد اليرموك ، وكان القاضي يومئذ.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن سعدوية ، أنبأ أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد ، أنا أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن يعقوب (١) ، ثنا محمّد بن هارون ، نا ابن المثنّى ، ثنا أبو داود ، نا إبراهيم بن سعد (٢) ، عن صالح بن كيسان ، عن الزهري ، أخبرني عبد الله (٣) بن عتبة ، عن ابن عباس أخبره :
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام ، فبعث بكتابه مع دحية الكلبي ، فأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ، قال : فيدفعه عظيم بصرى إلى قيصر ، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شاكرا لما أبلاه الله.
قال ابن عباس : فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال حين قرأه : هل هاهنا من قوم هذا الرجل أحدا أسأله عنه؟.
قال ابن عباس : فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجارا في المدة (٤) التي كانت بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين كفار قريش ، قال أبو سفيان فوجدنا رسول قيصر في بعض الشام ، فانطلق بي وبأصحابي إلى إيلياء حتى أدخلنا عليه ، وهو جالس في مجلس ملكه ، وعنده عظماء الروم وعليه التاج فقال له ترجمانه عليهم (٥) أيهم أقرب نسبا إلى هذا الرجل الذي تزعم أنه نبيّ؟ قال أبو سفيان : وليس في الركب يومئذ رجل من بني عبد مناف غيري ، فقال قيصر : ادنوه مني ، ثم أمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري عند كتفي ، ثم قال لترجمانه : قل لهم : إنّي سائل هذا الرجل عن هذا الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذّب فكذبوه ، قال أبو سفيان : فو الله لو لا أني استحييت أن يأثر أصحابي عني الكذب يومئذ لكذبته عنه ، ولكني استحييت أن يأثروا (٦) أصحابي عني الكذب ، فصدقته عنه ، فقال لترجمانه : سله كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ فقلت : هو
__________________
(١) ترجمته في سير الأعلام ٦ / ٤٣٠.
(٢) عن دلائل البيهقي ٤ / ٣٧٧.
(٣) في الطبري ٢ / ٦٤٦ عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس ، وفي الأغاني ٦ / ٣٤٥ عبد الله بن عبد الله بن عتبة.
(٤) يريد هدنة الحديبية. وكانت في أواخر سنة ست من الهجرة.
(٥) كذا رسمها بالأصل. ولعل الصواب : «سلهم» كما في دلائل البيهقي.
(٦) كذا بالأصل ، والأشبه : يأثر.