ـ بالكوفة ـ ثنا سحاب بن الحارث ، أنبأ علي بن مننهرس (١) ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله عزوجل : (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ)(٢) قال : الأيكة : الغيضة ، أهلكهم عزوجل فيها لما أراد الله تعالى هلاكهم أرسل عليهم حرا شديدا حتى امتنع منهم طلاع البيوت والشراب وبعث الله سحابة فعامت على الغيضة ، فلما رأوها حسوا أن لها ظلا فدخلوا فلما تناموا تحتها أرسل الله عليهم نارا فأحرقهم ، فذلك قوله عزوجل : (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ، إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(٣).
أنبأنا أبو الفضائل الكلابي ، وأبو طاهر بن الجرجرائي ، قالا : أنبأ أبو بكر الخطيب ، أنبأ محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأ أحمد بن سندي ، ثنا الحسن بن علي ، ثنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأ أبو حذيفة ، عن جويبر بن الضحاك ، وابن سمعان ، عن من يخبره ، عن ابن عباس في قوله عزوجل : (وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ)(٤) قال : كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين.
وقال في آية أخرى : (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ)(٥) ولم يقل : إذ قال لهم أخوهم شعيب ، لأنه لم يكن من جنسهم (أَلا تَتَّقُونَ)(٦) يقول : كيف لا تتقون وقد علمتم أني رسول أمين لا تعتبرون من هلاك مدين وقد أهلكوا فيما يأتون ، وكان أصحاب الأيكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنّوا سنة أصحاب مدين ، فقال لهم شعيب : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ. وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ)(٧) فيما أعدوكم إليه (مِنْ أَجْرٍ)(٨) في العاجل في أموالكم (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ)(٩) فاتقوا الله الذي خلقكم والجبلة الأولين ـ يعني اتقوا الذي خلقكم وخلق الجبلة الأولين ، يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ، ولا تهلكوا مثلهم ، قالوا : (إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ)(١٠) ـ يعني من المخلوقين ـ (وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا ، وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل.
(٢) سورة الشعراء ، الآية : ١٧٦.
(٣) سورة الشعراء ، الآية : ١٨٩.
(٤) سورة الحجر ، الآية : ٧٩.
(٥) سورة الشعراء ، الآيتان : ١٧٦ ـ ١٧٧.
(٦) سورة الشعراء ، الآيتان : ١٧٦ ـ ١٧٧.
(٧) سورة الشعراء ، الآيتان ١٧٨ و ١٧٩ وفي التنزيل العزيز : عليه بدل عليكم.
(٨) سورة الشعراء ، الآية : ١٨٠ وفي التنزيل : على رب العالمين بدل على الله.
(٩) سورة الشعراء ، الآية : ١٨٠ وفي التنزيل : على رب العالمين بدل على الله.
(١٠) سورة الشعراء ، الآية : ١٨٥.