على العراق ، بايع أهل الحل والعقد الملك الجديد فرحين مغتبطين ، ولم يحضر قنصل بريطانيا حفلة التنصيب وحضرها معتمد فرنسا فرحا مسرورا ، وكان محبا للعرب مجاهرا باستقلالهم ، وتألفت وزارة قالت أولا إنها لا تقبل بالانتداب الفرنسي الذي كان قرره على الشام مؤتمر سان ريمو في ١٦ نيسان (١٩٢٠) فدهش المفكرون لهذا التبدل في السياسة ، وذهبت في ذلك الظنون كل مذهب ، فمن قائل إن الأمير نودي به ملكا بإيعاز إنكلترا لأنها ذكرت خدماته وخدمات والده وإخوته لها في الحرب ، فأرادت أن تكافئهم وتقوم بما وعدتهم به. ومن ذاهب إلى أن فرنسا رأت ذلك من مصلحتها ، لأنها كانت عرضت على الأمير أن يقبل بالانتداب الفرنسي على الشام ما عدا فلسطين وهي تدخل له لبنان في سلك ملكه فلم يقبل. ثم تبين بعد أيام أن المسألة ليست منبعثة إلا عن آراء الأحزاب لأن من أساطينها من كان يذهب منذ حين إلى أن أوربا إذا رأت الشاميين ينادون بالأمير فيصل ملكا عليهم ، لا تنازعهم في ذلك لأنهم أحرار في بلادهم. ويكون ساسة أوربا أمام أمر واقع لا يجرؤون أن ينقضوا ما أبرم!! وفي ١٨ آذار أي بعد البيعة بعشرة أيام أبلغت فرنسا وانكلترا الأمير فيصلا بأنهما لا تعترفان بصحة قرار المؤتمر السوري الذي بايعه ملكا ، ودعي إلى الحضور إلى أوربا لعرض قضيته أمام مجلس عال ، فاعتذر بأن أعمال مملكته الجديدة لا تسمح له بمغادرة الشام ، وأرسل من قبله رسولا إلى لندرا وطلب إلى فرنسا وانكلترا معاونتهما ليعترفا له بالاستقلال. وكان الأمير يرى من معتمد فرنسا لدى حكومته عطفا ومعاونة ، وكذلك من معتمد إيطاليا التي أرسلت إلى دمشق قنصلا برتبة سفير صغير ليحسن تمثيل دولته أمام الدولة السورية الفتية. أما ملكية الملك فيصل فإن انكلترا كانت على ما قيل تميل إلى الاعتراف بها ولكن فرنسا عارضتها في ذلك.
العصابات بين الساحل والداخل :
نشطت العصابات في المنطقة الشرقية فأرسلت الدولة المحتلة في المنطقة الغربية (كانون الثاني سنة ١٩٢٠) كتيبتين من الجند بدلالة بعض نصارى جديدة مرجعيون ودير ميماس والقليعة فضربوا قصر محمود الفاعور أمير عرب