وأن يكون لمراكب روسيا والنمسا وبريطانيا معا حق الدخول في البوسفور لوقاية القسطنطينية متى تقدمت الجيوش المصرية نحوها.
فضل حكم محمد علي :
كانت حسنات حكومة محمد علي في الشام أكثر من سيئاتها. وضعت أصول الإدارة والجباية ورفعت أيدي أرباب الإقطاعات وأعطتهم من الخزانة رواتب تكفيهم ، ولم يخلص من ذلك إلا الأمير بشير الشهابي والي لبنان ، فإنه نال ولايته مباشرة من محمد علي في مصر ، وظلّ يتصرف بلبنان ، وبذلك رفعت سلطة المشايخ والأمراء المستبدين. قال مشاقة : كانت الدولة التركية خبيرة بأحوال الشعب أكثر من الدولة المصرية فبعثت تدس الدسائس في المشايخ ، وتغريهم بالمواعيد الفاحشة ، ليحضوا الشعب على شق عصا الطاعة ، طمعا بإرجاع نفوذهم ، وكان النصيرية أول من شق عصا الطاعة وتبعهم الدروز في حوران ووادي التيم ، فقضى المصريون معظم أيام دولتهم في الشام بالحروب والقلاقل.
ومن مآثر الحكومة المصرية التي عددها مشاقة تجفيفها المستنقعات وتصريف الأقذار في مجار خاصة ، وتحديد أسعار اللحوم ، والعدل بين الرعايا على اختلاف أديانهم وطبقاتهم ، لا تكلف صاحب الحق نفقة لتحصيل حقوقه ، وإنفاق كل مال في وجهه المخصص له ، ومع ذلك ظل الشعب يسومها العداوة ويناقشها الحساب ، لأنه اعتاد أن يكون محكوما لا حاكم نفسه ، عبدا لا حرا. وأكد أن البريطانيين استخدموا رجلا من رجالهم السياسيين اسمه المستر ودد فجاء كسروان بدعوى أنه يريد تعلم اللغة العربية ، وأخذ يبث الدسائس حتى أعلن الكسروانيون العصيان ، وقاتلوا جيشا من جيوش إبراهيم باشا وجيوش الأمير بشير ، ودام القتال أياما ، وتغلب العصاة على جند إبراهيم باشا مرارا ، وهي المرة الأولى التي ذاق بها إبراهيم باشا طعم الانكسار.
ومدح مشاقة الأمير بشيرا الشهابي الذي كان عضدا قويا لإبراهيم باشا ، وقد تولى حكومة الجبل من سنة ١٧٨٥ إلى سنة ١٨٤٠ وأرسلته الدولة لما استولت