درزية ، فلم ترتض الطائفتان ذلك ، وأصبحت الأولى بيد فرنسا والثانية بيد انكلترا ، واختل الأمن في أرجاء الشام لمحاولة الدولة نزع السلاح من فئة أو أهل ناحية وإبقاءه في أيدي آخرين.
كتب قنصل انكلترا في دمشق سنة ١٨٤١ م (١٢٥٧ ه) إلى نجيب باشا كتابا قال له فيه : «إذا كانت الحكومة ترغب حقيقة في استتباب الأمن ففي وسعها أن تبدأ بإظهار حسن نيتها فتمنع تخريب القرى وتدمير أماكن العبادة الكائنة على بضع خطوات من دمشق. إن نزع السلاح من يد الشاميين عامة أمر مرغوب فيه لو تسنى إتمامه دون التخوف من حدوث ثورة عامة ، بيد أنا رأينا هذه الوسيلة مقصورة على نصارى لبنان الغربي ولبنان الشرقي ، على حين سمح لسائر أتباع السلطنة بحفظ أسلحتهم ، ومع ذلك لا ينبغي أن يغرب عن البال أن الباب العالي اعترف بصدق رعاياه النصارى وأمانتهم في هذه الأرجاء إذ لجأ إليهم قبل الجميع فوزع عليهم أسلحة لطرد عدو الطرفين (يريد إبراهيم باشا المصري) كما أن احتلال جنود حضرة السلطان الآن للشام هو نتيجة مساعدة اللبنانيين».
فتن أهلية في الجبال والمدن :
وفي سنة ١٨٤٢ قبض عمر باشا النمساوي على زعماء الدروز فاجتمع أتباعهم وهجموا على سراي بيت الدين وكان هناك فتهددهم ، وحضر شبلي العريان بجنده المنظم واجتمع في الطريق بفرقة من الأرناؤد قادمة إلى عمر باشا ليرسلها لتأديب الدروز فوقعت بين الفريقين موقعة فهزمهم جند عمر باشا في أقل من ساعة.
وظلت مراجل الأحقاد في لبنان تغلي والحكومة تجهل أو تتجاهل السبيل لقطع شأفة الفتن من الجبل وغيره من الأصقاع الشامية. وقد عينت سنة ١٢٦٠ ه رجلا لجباية الأموال الأميرية من جبل النصيرية ومطاردة بعض الأشقياء ، فلما بلغ ناحية البهلولية طلب مقدمي الكلبية ورؤساءهم فأرسلوا إليه رجلين وهما إسماعيل عثمان وحبيب مخلوف فأرسلهما في الحال إلى اللاذقية مقيدين وأخذ في تعذيبهما ، وانتهى الخبر إلى الجبل فتجمع نحو خمسمائة رجل من أهله