بدخول الدولة في الحرب ومنهم سليمان أفندي البستاني من أهل الشام خطتهم وقدموا إقالتهم تاركين الحكومة في أيدي الأتراك. أما سعيد حليم باشا الصدر الأعظم الذي كان عزم أن يستقيل فدفعه حبه للفخر والأبهة والعظمة أن يبقى في رأس أعظم منصب في الحكومة التركية ، فلم تك إذا نتيجة دخول الدولة في الحرب إلا توحيد السلطة في المملكة بأيدي رجال الاتحاد والترقي ، وانتهت الثورة التي كانت ترمي إلى جعل تركيا دولة دستورية بجعل تركيا حكومة مطلقة ، رائدها الظلم والاستبداد ، وغاية أفرادها الأول النفوذ والسلطة والكسب على ما قال سفير أميركا في الإستانة لأول الحرب.
وعلى ذلك شرعت الدولة لأول وهلة تعبي جيشها ، وأخذت من الشام سبعا وعشرين قرعة كادت تقف معها حركة العمل وقوفا مريعا ، ولم تلبث الدارعتان الألمانيتان غوبن وبرسلو أن دخلتا في ميناء الإستانة ملتجئتين من مطاردة الأسطول الإنكليزي لهما في عرض البحر المتوسط ، وسلمت قيادتهما بالصورة الظاهرية إلى العثمانيين ، فعدت روسيا هذا العمل من الدولة العثمانية إعلانا لها بالحرب ، وما فتئت أيدي الألمان أن تغلغلت في جميع فروع الإدارة في السلطنة ، وأخذت ألمانيا تغدق الذهب الوهاج على الدولة ، وكان لأنور باشا القائد العام وناظر الحربية قسط عظيم منه لا يسأل فيما أنفقه ، وبدأ الألمان يغرون الأتراك باستعمال الوسائل الوحشية في معاملة الأجانب والعثمانيين معا ، ويضيقون خاصة على غير المسلمين من الأرمن والأروام ونصارى الشام. وزعم سفير أميركا في الإستانة أنه درس أخلاق الأتراك فعلم علم يقين أن أقوى عواطفهم عاطفة الخوف فهم لا يحبون ولا يبغضون بل يخافون ويريدون غيرهم أن يخافهم.
قسط الشام من الحرب وعمل جمال باشا :
دخلت الدولة في الحرب وقاتل أبناء الشام في الجبهات الحربية المختلفة. قاتلوا في چناق قلعة ورومانيا ودبرويجة وقفقاسيا والعراق والسويس وشبه جزيرة سينا فهلك منهم عشرات الألوف ، وقاست الشام أنواع الحرمان