وقد وعد المفوض السامي وفود المدن الأربع بدرس مطالبهم وإنفاذ ما في وسعه ووسع حكومته إنفاذه ، وأشار إلى أن الواجب عليهم أن ينظموا صفوفهم ويؤلفوا أحزابا تسير بعقل وروية لا يتخذها بعض أرباب الأغراض سلما لبلوغ غاياتهم. وقد عاد الجنرال سراي في خطاب له ألقاه في حمص (أيار ١٩٢٥) خاطب به الأعيان بقوله : اعملوا على توحيد كلمتكم قبل اهتمامكم بالاستقلال فإن الاستقلال إنما يحصل عليه من اتحدت آراؤهم ، إلى هذا أوجه نظركم ، اتحدوا أولا فإن الباني إنما يباشر وضع الأساس قبل أن يهتم بالتوريق والدهان ا ه. وبالفعل تأسس في سورية حزبان حزب من جميع طبقات الشعب واسمه حزب الشعب وآخر يناصر الحكومة الحاضرة واسمه حزب الوحدة كما تألفت في لبنان أحزاب.
صاحب الوعد للصهيونيين ومطالب الفلسطينيين والسوريين وكوائن :
وفي يوم ٢٥ آذار ١٩٢٥ (١ رمضان ١٣٤٣) جاء القدس لورد بلفور الوزير البريطاني صاحب الوعد للصهيونيين بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود الذي صرح به في تشرين الثاني ١٩١٧ باسم بريطانيا العظمى ، فاحتج المسلمون والنصارى فيها على مجيئه وأضربوا عن الأعمال إضرابا تاما ، وكان مجيئه للاحتفال بافتتاح الجامعة العبرية في بيت المقدس ، وقد أرسلت برقيات الاحتجاج من أنحاء القطر على من فصل بعمله فلسطين عن أمها الشام ، وجاء مساء يوم ٨ نيسان الى دمشق فأظهر الدمشقيون نفرتهم منه ومن وعده ، وأغلقت المدينة صباح الغد محتجة على وعده وبعد الظهر تجمع جمهور لا يقل عن خمسة آلاف في ساحة الشهداء أراد الدرك منعهم من التجمع بالتهديد والضرب فرشقه بعض الفتيان بالحجارة ، فاضطر الدرك إلى استعمال السلاح في الهواء فجرح عشرون شخصا هلك منهم اثنان واضطرت الحكومة اللورد أن يخرج إلى بيروت فأركب البحر والبيروتيون يحتجون عليه كاحتجاج الدمشقيين ، ولم يستطع أن يرى اللورد من دمشق غير جدران الفندق ، ومن بيروت إلا الطريق إلى السفينة فقط.
وفي ٢٨ أيار (١٩٢٥) أنذرت بريطانيا العظمى الملك حسين بن علي أن يغادر العقبة خلال سبعة أسابيع ـ وكان جاءها بعد أن سقط الحجاز في أيدي جيش الملك عبد العزيز بن سعود ملك نجد ـ لتستلمها حكومة شرق الأردن