تساعد الموارنة ، وبريطانيا تعاون الدروز ، فتعدى هؤلاء على الموارنة في سنة ١٢٥٧ ودخلوا دير القمر وارتكبوا فيه الفظائع المنكرة ، وزحفوا على زحلة بثمانية آلاف ، وانتشب القتال بينهم وبين أهلها ، ومعهم أهل بعلبك ، فانهزم الدروز شر هزيمة ، ولو لا تدخل الجيوش بشدة لامتدت الثورة. وانجلت حادثة دير القمر عن مائة وتسعة قتلى من النصارى وعدد كبير من الدروز قدره مشاقة بأكثر من خمسمائة لأنهم كانوا مهاجمين قال : ولما ظهر للنصارى غدر مشايخ الدروز بهم في هذه الحادثة نفروا منهم نفورا تاما ، وطلبوا من الوزير حاكما عليهم ورفع سلطة المشايخ عنهم فأجابهم إلى ذلك ، لأن هذا ما كان يرغب فيه ، ولولاه لما كان الأتراك يختمون عروض المحاضر طعنا على أمراء الجبل ويحضون أهله على الفتن.
عاملت الدولة العثمانية بعد عودتها إلى القطر كل من ساعدها على مقاصدها وخدمها أو تظاهر بخدمتها وتجسس لها زمن الحكومة المصرية المعاملة التي ترضيه ، فرجع أرباب النفوذ والإقطاعات إلى سالف مجدهم ، المبني على تقطيع أوصال الشعب والتغذي بلحمه. وأقامت بدلا من الأمير بشير الشهابي الأمير بشير قاسم الشهابي حاكما على لبنان. وكان دون سلفه إدارة ومعرفة ، وأقصت الأمراء الشهابيين عن وادي التيم ، وأقامت شبلي العريان متسلما لها لأنه خدم الأتراك في حرب المصريين ، نزع من النصارى سلاحهم وقدم للدروز بارودا وذخائر ، وكان يرى سلب القرى المسيحية وإحراقها من عوامل الخدمة لطائفته ودولته.
ولم يكن من مصلحة الدولة أن تسود الألفة بين الطوائف ، وأن يتعامل أهل الوطن الواحد بالحسنى ، فكان أكثر رجالها يوقدون جذوة التعصب الديني ويساعدون الدروز على النصارى في لبنان ، حتى يتيسر للدولة أن تنزع الحكم من أرباب الإقطاعات وتقيم له واليا كما لطرابلس وصيدا والقدس وحلب ودمشق ، ولذلك كثرت الفتن والمناوشات بين النصارى والدروز ، فأثار الأمير قاسم الشهابي الدروز على الموارنة (١٨٤١ م) فقتلوهم ونهبوهم فتدخلت الدولة وعزلت الأمير قاسما الشهابي لتقيم مكانه واليا عثمانيا ، نصبت عمر باشا النمساوي ثم عزلته ، وجعل الجبل قائم مقاميتين الأولى نصرانية والثانية