بيني وبينك بالإساءة ، كم دينك يا ابن جعفر؟ قال : ألف ألف درهم ، فقال معاوية : يا سعد اقضها عنه ، واجبها غدا من فسا ودرابجرد (١) فغضبت قريش الشام حين أعطاه ألف ألف درهم ، فقالت : يظن (٢) معاوية هائبا لابن جعفر فقال معاوية :
تقول قريش حين خفّت حلومها |
|
نظنّ (٣) ابن هند هائبا لابن جعفر |
فمن ثمّ يقضي ألف ألف ديونه |
|
وحاجته مقضية لم تؤخّر |
فقلت : دعوا لي لا أبا لأبيكم |
|
فما منكم فيض له غير أعور |
أليس فتى البطحاء ما تنكرونه |
|
وأول من أثني بتقواه خنصر |
وكان أبوه جعفر ساد قومه |
|
ولم يك في الحرب العوان بحيدر |
فما ألف ألف فاسكتوا لابن جعفر |
|
كثير ولا أمثالها لي بمنكر |
ولا تحسدوه وافعلوا كفعاله |
|
ولن تدركوه كلّ ممشى ومحضر |
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ فيما قرأ علي إسناده وناولني إيّاه وقال : اروه عني ـ أنا محمّد بن الحسين الجازري ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (٤) ، نا الحسن بن أحمد الكلبي ، نا محمّد بن زكريا الغلّابي ، نا العبّاس بن بكار ، نا أبو بكر الهذلي ، وعبيد الله بن محمّد الغساني ، عن الشعبي قال :
دخل عبد الله بن جعفر بن أبي طالب على معاوية وعنده يزيد ابنه ، فجعل يزيد يعرّض بعبد الله في كلامه وينسبه إلى الإسراف في غير مرضاة الله فقال عبد الله ليزيد : إني لأرفع نفسي عن جوابك ، ولو صاحب السرير يكلمني لأجبته ، فقال معاوية : كأنّك تظن أنك أشرف منه؟ قال : أي والله ، ومنك ، ومن أبيك وجدك ، فقال معاوية : ما كنت أحسب أنّ أحدا في عصر حرب بن أميّة أشرف من حرب بن أميّة ، فقال عبد الله : بلى والله يا معاوية ، إنّ أشرف من حرب من أكفأ عليه إناءه ، وأجاره (٥) بردائه ، قال : صدقت يا أبا
__________________
(١) بالأصل وم : «وذو الجود» ولا معنى لها هنا ، والصواب ما أثبت وانظر المطبوعة ، ودرابجرد كورة بفارس أكبر مدنها فسا (وانظر معجم البلدان : دارابجرد ، فسا).
(٢) كذا بالأصل ، وفي م : «نظن» وهو أشبه.
(٣) النون الأولى مهملة بالأصل والمثبت عن م.
(٤) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٦٩ وما بعدها.
(٥) عن م وبالأصل : «أجازه» وفي الجليس الصالح : أجاره.